كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 8)

فهو معطّر للنكهة، محرّك للصبابة، ممازج للطبيعة، دقيق المسلك، سريع الذهاب في الجسد، واصل لحبل الفتوّة، عاقد للإخاء، باعث على الوفاء، فاسخ للرجاء، ناف للفكرة، ممسك لرماق المهجة، مذك للقريحة، ملائم للغريزة، سام بالهمّة، مستلّ للسّخيمة، صاقل للعزيمة، مذهب للتّرة، مسهّل للحمالة، كاسب للثراء من غير ثروة، جامع للشّمل، مقرّب للسبيل، مهوّن للجليل، داع إلى الجميل، منساب في المفاصل بغير دليل، كاس للأنفس سرورا، وللأجفان فتورا، وللخدود اشتعالا ونورا، يطيب عند الازدياد، ويلذّ عند الأعواد، ويتغلغل في القلب إلى حيث لا يبلغه الفكر.
966- وقال بهرام جور: هموم الدنيا داء دواؤه الراح.
«967» - وقال آخر: للنّبيذ حدّان: فحدّ لا همّ فيه، وحدّ لا عقل فيه، فعليك بالأوّل واتّق الثاني.
«968» - قال عبد الملك بن مروان للأخطل: ما تصنع بالخمر؟ فإنّ أوّلها لمرّ، وإن آخرها لسكر، قال: أما لئن قلت ذاك، فإن فيما بين ذاك الحالين لمنزلة ما ملكك فيها إلا كلعقة من ماء الفرات بالأصبع.
«969» - وكان أبو الهنديّ يشرب مع قيس بن أبي الوليد الكناني، وكان أبو الوليد ناسكا، فاستعدى عليه وعلى ابنه فهربا منه، وقال أبو الهنديّ: [من البسيط]
قل للسّريّ أبي قيس أتوعدنا ... ودارنا أصبحت من داركم صددا
أبا الوليد أما والله لو عملت ... فيك الشّمول لما حرّمتها أبدا
ولا نسيت حميّاها ولذّتها ... ولا عدلت بها مالا ولا ولدا
«970» - قال مطيع بن إياس: إنّ في النّبيذ لمعنى من الجنّة كما حكى الله عن

الصفحة 350