كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 8)

كأنّما المسك نهبى بين أرحلنا ... ممّا تضوّع من ناجودها الجاري
«981» - وقال أيضا: [من الطويل]
وأبيض لا نكس ولا واهن القوى ... سقيت إذا أولى العصافير صرّت
رددت عليه الكأس غير بطيئة ... من الليل حتى هرّها وأهرّت
فقام يجرّ البرد لو أن نفسه ... بكفّيه من ردّ الحميّا لخرّت
«982» - وقال: [من الكامل]
ومعتّق حرم الوفود كرامة ... كدم الذبيح تمجّه أوداجه
ضمن الكروم له أوائل حمله ... وعلى الدّنان تمامه ونتاجه
«983» - كان الأعشى ميمون بن قيس مشهورا بتعاطي الخمر، مشغوفا بها، كثير الذكر لها في شعره حتى لعلّه لا يخلي قصيدة من الافتخار بسبائها، لكنه كان يشير إلى وصفها أو إلى إدمانه لها، ثم يتجاوز ذلك إلى غيره من قصده.
ومن اشتهاره بها قال المفضّل بين قدماء الشعراء: أشعرهم امرؤ القيس إذا ركب، والنابغة إذا رهب، وزهير إذا رغب، والأعشى إذا طرب.
وقصد الأعشى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وامتدحه بقصيدته التي أوّلها: [من الطويل]
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا ... وبتّ كما بات السليم مسهّدا
فاعترضه في طريقه من أراد منعه، فقالوا له: إنّه يحرّم عليك الزّنا والخمر، فقال: أما الزّنا فقد كبرت ولا حاجة لي فيه، وأما الخمر فلا أستطيع تركها.
وعاد لينظر في أمره، فأدركه الموت ولم يسلم.

الصفحة 356