كتاب التذكرة الحمدونية (اسم الجزء: 8)

كفّ عروس لاح خاتمها ... وعقد درّ في الجوّ ينتثر
في روضة راضها الربيع وما ... قصّر في وشي بردها المطر
وقد نأى النأي بالعقول وما ... قصّر في نيل وتره الوتر
«1027» - أتي الوليد بن يزيد بشراعة بن الزّندبوذ من الكوفة، فحين رآه لم يسأله عن نفسه ولا عن سفره حتى قال له: يا شراعة، والله إني ما أرسلت إليك لأسألك عن كتاب الله، ولا عن سنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم. قال: والله لو سألتني عنهما لألفيتني فيهما حمارا. قال: ولكني أرسلت إليك لأسألك عن الفتوّة. قال:
دهقانها الخبير، وطبيبها الرفيق، سل. قال: أخبرني عن الماء؟ قال: لا بدّ منه، والحمار شريكي فيه. قال: فما تقول في اللبن؟ قال: ما رأيته قطّ إلا استحييت من أمي من طول ما أرضعتنيه. قال: فالسويق؟ قال: شراب الحزين والمستعجل والمريض. قال: فما تقول في نبيذ التمر؟ قال: سريع الملء سريع الانفشاش، ضراط كلّه. قال: فما تقول في نبيذ الزبيب؟ قال: حومة حاموا بها حول الشراب. قال: فما تقول في الخمر؟ قال: تلك صديقة روحي. قال:
وأنت صديقي، أقعد. أي الطعام أحبّ إليك؟ قال: يا أمير المؤمنين، ليس لصاحب النبيذ على الطعام حكم، إلا أنّ أشهاه إليه أمرؤه، وأنفعه أدسمه.
قال: فأيّ المجالس أحبّ إليك؟ قال: البراز ما لم تحرقه الشمس ويغرقه المطر؛ والله يا أمير المؤمنين ما شرب الناس على وجه أحسن من وجه السماء.
1028- قال أحمد بن أبي خالد: دخلت على المأمون وهو قاعد يصفّي نبيذا بيده، فبادرت لأتولّى ذلك فقال: مه! أما أحد يكفيني هذا؟! ولكن مجراه على كبدي فأحببت أن أتولاه بيدي.

الصفحة 375