كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 8)
عنه من الصفات السيئة المناسبة للنهي عنه، ومن تفضيل بعض الأقوال والأعمال في نفسها على بعض. ولم أر عن أحد منهم قط أنه خالف النصوص الدالة على ذلك، ولا استشكل ذلك، ولا تأوله على مفهومه، مع أنه يوجد عنهم في كثير من الآيات والأحاديث استشكال واشتباه، وتفسيرها على أقوال مختلفة قد يكون بعضها خطأ. والصواب هو القول الآخر، وما وجدتهم في مثل قوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} (¬1) وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأُبَيّ «أي آية في كتاب الله أعظم» (¬2)
وقوله في الفاتحة: «لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها» (¬3) ونحو ذلك إلا مقرين لذلك قائلين بموجبه. والنبي - صلى الله عليه وسلم - سأل أبيا: «أي آية في كتاب الله أعظم؟» فأجابه أُبَي بأنها آية الكرسي فضرب بيده في صدره وقال: «ليهنك العلم أبا المنذر» (¬4) ولم يستشكل أُبَي ولا غيره السؤال عن كون بعض القرآن أعظم من بعض، بل شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعلم لمن عرف فضل بعضه على بعض وعرف أفضل الآيات. (¬5)
¬_________
(¬1) الزمر الآية (23).
(¬2) سيأتي تخريجه ..
(¬3) أحمد (2/ 412 - 413) وعبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (5/ 114 - 115) والترمذي (5/ 277 - 278/ 3125) والنسائي (2/ 477/913) وابن خزيمة (1/ 252/501) وابن حبان (الإحسان) (3/ 53/775) والحاكم (1/ 557) وقال: "صحيح على شرط مسلم" ووافقه الذهبي، وأخرجه الترمذي في موضع آخر (5/ 143 - 144/ 2875) مطولا وقال: "حديث حسن صحيح"، من حديث أبي هريرة عن أبي بن كعب رضي الله عنه.
(¬4) أحمد (5/ 141 - 142) ومسلم (1/ 556/810) وأبو داود (2/ 151/1460).
(¬5) مجموع الفتاوى (17/ 182 - 183).