كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 8)
والهياكل التي تكتبها الطرقية والمعزمون؛ بل ويقال: إذا جاز السؤال والإقسام على الله بها فعلى المخلوقات أولى، فحينئذ تكون العزائم، والإقسام التي يقسم بها، على الجن مشروعة في دين الإسلام. وهذا الكلام يستلزم الكفر والخروج من دين الإسلام، بل ومن دين الأنبياء أجمعين.
وإن قال قائل: بل أنا أسأله أو أقسم عليه بمعظم دون معظم من المخلوقات، إما الأنبياء دون غيرهم، أو نبي دون غيره، كما جوز بعضهم الحلف بذلك، أو بالأنبياء والصالحين دون غيرهم.
قيل له: بعض المخلوقات وإن كان أفضل من بعض، فكلها مشتركة في أنه لا يجعل شيء منها ندا لله تعالى، فلا يعبد ولا يتوكل عليه، ولا يخشى، ولا يتقى، ولا يصام له، ولا يسجد له، ولا يرغب إليه، ولا يقسم بمخلوق، كما ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من كان حالفا فليحلف بالله، أو ليصمت» (¬1) وقال: «لاتحلفوا إلا بالله» (¬2)، وفي السنن عنه أنه قال: «من حلف بغير الله فقد أشرك» (¬3).
فقد ثبت بالنصوص الصحيحة الصريحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يجوز الحلف بشيء من المخلوقات، لا فرق في ذلك بين
¬_________
(¬1) أحمد (2/ 11 و17) والبخاري (11/ 649/6646) ومسلم (3/ 1266/1646 (3)) وأبو داود (3/ 569/3249) والترمذي (4/ 93/1534) والنسائي (7/ 7و8/ 3775) وابن ماجه (1/ 677/2094) من حديث عمر رضي الله عنه.
(¬2) أخرجه بهذا اللفظ: أبو داود (3/ 569/3248) والنسائي (7/ 8/3778) من حديث أبي هريرة. وصححه ابن حبان (10/ 199/4357).
(¬3) أحمد (2/ 125) وأبو داود (3/ 570/3251) والترمذي (4/ 93 - 94/ 1535) وقال: "حديث حسن".
وصححه ابن حبان (10/ 199 - 200/ 4358) والحاكم (1/ 18) و (4/ 297) وقال: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي.