كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 8)
عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نتذاكر الفقر ونتخوفه، فقال: «آلفقر تخافون، والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا، حتى قال: لقد تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها ونهارها سواء» (¬1). وعلى آله الذين بهديه يهتدون، وبه يقتدون.
واعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - قد حذر أمته من الابتداع، لما أعلمه الله أن أمته تأتي بالابتداع بأجناس وأنواع، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة» (¬2). وقال: «خير الأمور كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة» (¬3). وقال: «لا يقبل الله لصاحب بدعة صوما ولا صلاة ولا صدقة ولا حجا ولا عمرة ولا جهادا ولا صرفا ولا عدلا، يخرج من الإسلام كما تخرج الشعرة من العجين» (¬4). أخرج هذه الأحاديث ابن ماجه وغيره.
قلت: ووجه عظمة الابتداع في الدين أنه كالرد على قول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (¬5).
¬_________
(¬1) أخرجه ابن ماجه (1/ 4/5) وصححه الألباني (انظر الصحيحة (688)).
(¬2) انظر تخريجه في مواقف اللالكائي سنة (418هـ).
(¬3) انظر تخريجه في مواقف ابن تيمية سنة (728هـ).
(¬4) أخرجه ابن ماجه (1/ 19/49) وفيه محمد بن محصن العكاشي. قال عنه البخاري: "منكر الحديث". وقال ابن معين: "كذاب". وقال الدارقطني: "يضع الحديث". انظر الميزان (3/ 476) والحديث حكم عليه بالوضع الشيخ الألباني (انظر الضعيفة 1493).
(¬5) المائدة الآية (3).