كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 8)

ولو قصد الصلاة عند قبور الأنبياء والصالحين من غير أن يقصد دعاءهم والدعاء عندهم مثل أن يتخذ قبورهم مساجد لكان ذلك محرما منهيا عنه، ولكان صاحبه متعرضا لغضب الله ولعنته كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (¬1) وقال: «قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما صنعوا» (¬2). وقال: «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك» (¬3).
فإذا كان هذا محرما، وهو سبب لسخط الرب ولعنته، فكيف بمن يقصد دعاء الميت، والدعاء عنده وبه، واعتقد أن ذلك من أسباب إجابة الدعوات، ونيل الطلبات، وقضاء الحاجات، وهذا كان أول أسباب الشرك في قوم نوح وعبادة الأوثان في الناس، قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام، ثم ظهر الشرك بسبب تعظيم قبور صالحيهم. (¬4)
¬_________
(¬1) أخرجه أحمد (2/ 246) وابن سعد (2/ 241 - 242) وأبو يعلى (12/ 33 - 34/ 6681) والحميدي (2/ 445/1025) وأبو نعيم (7/ 317) كلهم من حديث أبي هريرة مرفوعا، وتمامه: لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. وصحح إسناده الشيخ الألباني في تحذير الساجد (25) وأورد له شاهدين مرسلين: الأول عن زيد بن أسلم، والآخر عن عطاء. قال ابن عبد البر تعليقا على مرسل عطاء في التمهيد (فتح البر: 1/ 281): "فهذا الحديث صحيح عند من قال بمراسيل الثقات".
(¬2) أحمد (2/ 284) والبخاري (1/ 700/437) ومسلم (1/ 376/530) وأبو داود (3/ 553/3227) والنسائي (4/ 401/2046) وفي الكبرى (4/ 257/7092) من طرق عن أبي هريرة.
(¬3) أخرجه مسلم (1/ 377 - 378/ 532) من حديث جندب بن عبد الله.
(¬4) مجموع الفتاوى (1/ 166 - 167).

الصفحة 70