(أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5) أي: لهم ما يسوءهم من العذاب في الآخرة؛ لاختيارهم سوء الأفعال في الدنيا.
(وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ): الأخسرون والخاسرون واحد.
وجائز أن يقال: (هُمُ الْأَخْسَرُونَ) للقادة منهم والرؤساء؛ لأنهم ضلوا بأنفسهم وأضلوا غيرهم هم أخسر من الأتباع؛ كقوله؛ (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
وقوله: (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6) هذا يحتمل وجهين:
أحدهما: لتلقى القرآن من اللَّه على يدي رسوله وهو جبريل.
والثاني: جائز أن يكون حكيم عليم هو جبريل نفسه، أي: إنك لتلقى القرآن من لدن جبريل، وهو حكيم يضع الوحي والقرآن حيث أمر بوضعه فيه؛ إذ الحكيم: هو المصيب في فعله الواضع للشيء موضعه، وعليم بما أمر به وأرسل وهو كذلك كان؛ إذ يجوز أن يقال للمخلوق: حكيم عليم؛ ألا ترى إلى قول يوسف: (إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)؛ فعلى ذلك هذا جائز، والأول أشبه.
أي: إنك لتأخذ القرآن من لدن حكيم عليم على يدي رسوله جبريل، فما يأخذ من رسوله كأنه يأخذ من عند مرسله؛ إذ الرسول إنما يؤدي كلام مرسله.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ) يقال: تلقيته: أخذته،
وكذلك قَالَ الْقُتَبِيُّ: (لَتُلَقَّى) أي: لتأخذه.
وقال مُحَمَّد بن إسحاق: (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ) أي: لتؤتى بالقرآن؛ كقوله: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) أي: وما يؤتيها، واللَّه أعلم.
* * *