كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 8)

روى ابن جريج عن مجاهد قَالَ: إذا اختلطوا فإنما هو الذكر والإشارة بالرأس (¬1)، فمذهب مجاهد إجزاء الإيماء عند شدة القتال كمذهب ابن عمر، وهو مذهب مالك والثوري والشافعي (¬2).
وقول البخاري: (وزاد ابن عمر ..) إلى آخره مراده: أنه رواه لا من رأيه، وكذلك قَالَ مالك. قَالَ نافع: ولا أرى ذكر ذلك عبد الله إلا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3).
ومراده بقوله: (وإن كانوا أكثر من ذلك) ما ذكره في "الموطأ" من قوله: فإن كان خوفًا هو أشد من ذلك. يعني: خوفًا لا يمكن معه القيام في موضع، ولا إقامة صف، فليصلوا قيامًا على أقدامهم، كما زاده في "الموطأ" (¬4)، يريد: أن ركوعهم وسجودهم إيماءً.
وقوله: (وركبانًا) يريد: على رواحلهم؛ لأن فرض النزول سقط.
قَالَ الشافعي في ذلك: لا بأس أن يضرب في الصلاة الضربة الخفيفة ويطعن، وإن تابع الضرب أو الطعن أو عمل عملًا يطول بطلت صلاته (¬5).
وقال الطحاوي: وذهب قوم إلى أن الراكب لا يصلي الفريضة على دابته وإن كان في حال لا يمكنه فيها النزول.
قَالَ: وذهب آخرون إلى أن الراكب إن كان يقاتل فلا يصلي، وإن
¬__________
(¬1) روى عنه هذا الأثر البيهقي 3/ 255 كتاب: صلاة الخوف، باب: كيفية صلاة شدة الخوف.
(¬2) ذكر عنهم ابن المنذر في "الأوسط" 5/ 28، 5/ 39.
(¬3) "الموطأ" ص 130 كتاب: الجمعة، باب: صلاة الخوف.
(¬4) السابق.
(¬5) انظر: "البيان" 2/ 528.

الصفحة 26