كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 8)

ليلى، وحكى ابن القصار عن الشافعي نحوه.
وقال الطحاوي: وذهب أبو يوسف إلى أن العدو إذا كان في القبلة فالصلاة هكذا، وإن كان في غيرها فالصلاة كما روى ابن عمر وغيره.
قَالَ: وبهذا تتفق الأحاديث.
قَالَ: وليس هذا بخلاف التنزيل؛ لأنه قد يجوز أن يكون قوله تعالى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} [النساء: 102] إذا كان العدو في غير القبلة، ثم أوحي إليه بعد ذلك كيف حكم الصلاة إذا كانوا في القبلة، ففعل الفعلين جميعًا كما جاء الخبران (¬1).
وترك مالك وأبو حنيفة (¬2) العمل بهذا الحديث لمخالفته القرآن، وهو قوله: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى} الآية، والقرآن يدل على ما جاءت به الروايات في صلاة الخوف عن ابن عمر وغيره من دخول الطائفة الثانية في الركعة الثانية، ولم يكونوا صلوا قبل ذلك.
وقال أشهب وسحنون: إذا كان العدو في القبلة لا أحبُّ أن يصلى بالجيش أجمع؛ لأنه يتعرض أن يفتنه العدو ويشغلوه، ويصلى بطائفتين سنة صلاة الخوف (¬3).
¬__________
(¬1) "شرح معاني الآثار" 1/ 319.
(¬2) انظر: "شرح معاني الآثار" 1/ 319.
(¬3) انظر: "النوادر والزيادات" 1/ 484.

الصفحة 31