كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 8)

حيثما أمكن ذلك، وهو قول عطاء ومن سلف (¬1)، وعن الأوزاعي مرة: إن كان الطالب قرب المطلوب أومأ وإلا فلا. وعن الشافعي ما سلف.
وروى أبو داود في صلاة الطالب حديث عبد الله بن أنيس قَالَ: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خالد بن سفيان الهذلي، وكان نحو عرفة وعرفات، وقال: "اذهب فاقتله". قَالَ: فرأيته وحضرت صلاة العصر، فقلت: إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما أن أؤخر الصلاة، فانطلقت أمشي وأنا أصلي، أومئ إيماءً نحوه، فلما دنوت منه قَالَ: من أنت؟
قلتُ: رجل من العرب بلغني أنك تجمع لهذا الرجل فجئتك في ذلك قَالَ: إني لفي ذلك قَالَ: فمشيت معه ساعة حَتَّى إذا أمكنني علوته بسيفي حَتَّى برد (¬2).
قَالَ ابن بطال: وطلبت قصة شرحبيل بن السمط بتمامها لأبيِّن هل كانوا طالبين أم لا؟ فذكر الفزاري في "السير" عن ابن عون، عن رجاء بن حيوة، عن ثابت بن السمط -أو عكسه- قَالَ: كانوا في سفر في خوفٍ فصلوا ركبانًا، فالتفت فرأى الأشتر قد نزل للصلاة، فقال: خالف خولف به. فجرح الأشتر في الفتنة (¬3).
فبان بهذا الخبر أنهم كانوا طالبين حين صلوا ركبانًا؛ لأن الإجماع حاصل على أن المطلوب لا يصلي إلا راكبًا، إنما اختلفوا في الطالب،
¬__________
(¬1) انظر: "الأوسط" 5/ 42.
(¬2) "سنن أبي داود" (1249) كتاب: صلاة السفر، باب: صلاة الطالب، وصححه ابن خزيمة 2/ 91 - 92 (982) كتاب: الصلاة، باب: الرخصة في الصلاة ماشيًا.
وقال الحافظ في "الفتح" 2/ 437: إسناده حسن. وانظر: "صحيح أبي داود" (1135)، و"الإرواء" (589).
(¬3) تقدم عزو هذا الأثر عند المصنِّف قريبًا، فعزاه إلى ابن أبي شيبة 2/ 215 عن وكيع عن ابن عون، به.

الصفحة 41