عن ابن مسعود (¬1)، وابن عمر روى السنة في ذلك عن الشارع، وفهم عنه معناها، وأن ذلك جائز في كل سفر مباح، ألا ترى قوله: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أعجله السير يفعل. وهذا عام في كل سفر. فمن ادعى الخصوص فعليه البيان، ويقال لهم: إن الله تعالى قد فرق بين أحوال المسافرين في طلب الرزق، وفي قتال العدو في سقوط قيام الليل عنهم، فقال تعالى: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} إلى قوله: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} [المزمل: 20]، فلما سوى بينهم تعالى في سقوط قيام الليل وجب التسوية بينهم في استباحة رخصة القصر في السفر، وهذا دليل لازم.
السابع:
قوله: (ثُمَّ قَلَّمَا يَلْبَثُ حَتَّى يُقِيمَ العِشَاءَ فَيُصَلِّيَهَا رَكْعَتَيْنِ). قَالَ الحميدي: هكذا في زيادة الليث. وفي رواية شعيب، عن الزهري، أن ذلك عن فعل ابن عمر من قول الراوي: (ثم قلما يلبث) لم يسنده، ورواية شعيب هنا ليس فيها هذا (¬2). وقد جاء في بعض طرق الحديث أنه كان صلاته بعد غروب الشفق (¬3). وفي رواية: ومعه -يعني ابن عمر- رجل من قريش يسايره، وغابت الشمس فلم يقل: الصلاة. وعهدي، وهو يحافظ على الصلاة، فلما أبطأ قلنا: الصلاة
¬__________
(¬1) روى ابن المنذر عن الأسود قال: كان عبد الله لا يرى التقصير إلا على حاج أو مجاهد، وروى عن عبد الرحمن بن يزيد قال: قال عبد الله: لا تقصر الصلاة إلا في حج أو جهاد "الأوسط" 4/ 344 - 345.
(¬2) "الجمع بين الصحيحين" للحميدي 2/ 175 (1280).
(¬3) سيأتي برقم (1805) كتاب: العمرة، باب: المسافر إذا جدَّ به السير يعجل إلى أهله.