ولقوله - صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة وأم حبيبة: "احتجبا عنه" -أي: عن ابن أم مكتوم- فقالتا: إنه أعمى لا يبصرنا. فقال: "أفعمياوان أنتما؟ أليس تبصرانه؟ " حسنه الترمذي (¬1).
وأجيب عن حديث عائشة بجوابين:
أقواهما: أنه ليس فيه أنها نظرت إلى وجوههم وأبدانهم، وإنما نظرت إلى لعبهم وحرابهم، ولا يلزم من ذلك تعمد النظر إلى البدن، وإن وقع بلا قصد صرفته في الحال.
والثاني: لعل هذا كان قبل نزول الآية في تحريم النظر، أو أنها كانت صغيرة قبل بلوغها فلم تكن مكلفة على قول من يقول: إن
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (4112) كتاب: اللباس، باب: في قوله -عز وجل-: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}، والترمذي (2778) كتاب: الأدب، باب: ما جاء في احتجاب النساء من الرجال، وقال: حسن صحيح، والنسائي في "السنن الكبرى" 5/ 393 (9241 - 9242) كتاب: عشرة النساء، باب: نظر النساء إلى الأعمى، وأحمد 6/ 296، وابن سعد في "الطبقات" 8/ 175 - 176، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 416، وأبو يعلى في "مسنده" 12/ 353 (6922)، والطحاوي في "مشكل الآثار" كما في "تحفة الأخيار" 7/ 70 (4949، 4950)، وابن حبان 12/ 387 (5575) كتاب: الحظر والإباحة، باب: الزجر عن أن تنظر المرأة إلى الرجل الأجنبي الذي لا يبصر، والطبراني 23/ 302 (678)، والبيهقي 7/ 91 - 92 كتاب: النكاح، باب: مساواة المرأة الرجل في حكم الحجاب والنظر إلى الأجانب، والخطيب في "تاريخه" 3/ 17 ترجمة رقم (939).
قال ابن حجر في "فتح الباري" 9/ 337: وهو حديث أخرجه أصحاب السنن من رواية الزهري عن بهمان مولى أم سلمة عنهما وإسناده قوي، وأكثر ما علل به انفراد الزهري بالرواية عن نبهان، وليست بعله قادحة فإن من يعرفه الزهري، ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة، لم يجرحه أحد لا ترد روايته؛ وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود".