كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 8)

١٢٩٥ - (٥٨١) (٢٣٩) وحدّثني عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، (وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ)، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ قَال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا. فَقَالتْ: يَا رَبِّ، أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا. فَأَذِنَ
ــ
لانبساطها لا يظهر فيها عقب الزوال فيء بخلاف الشاخص المرتفع، نعم دخول وقت الظهر لا بد فيه من فيء فالوقت لا يتحقق دخوله إلا عند وجوده فيحمل الفيء هنا على الزائد على هذا المقدار. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٥/ ١٧٦] والبخاري [٥٣٥] وأبو داود [٤٠١] والترمذي [١٥٨].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة الأول بحديث آخر له بالنظر إلى ما في المتابعة وإلا فهو استطرادي فقال:
١٢٩٥ - (٥٨١) (٢٣٩) (وحدثني عمرو بن سواد) بن الأسود العامري أبو محمد المصري، ثقة، من (١١) (وحرملة بن يحيى) التجيبي المصري (واللفظ لحرملة أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب قال حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة) وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي، وفيه التحديث بالإفراد والإخبار بالإفراد والجمع والسماعُ والعنعنةُ والمقارنة، حالة كون أبي هريرة (يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اشتكت النار" الأخروية (إلى ربها) شكاية حقيقية بلسان المقال كما يدل عليه ما بعده بحياة يخلقها الله تعالى فيها قاله القاضي عياض أو شكاية مجازية عرفية بلسان الحال عن لسان المقال كقوله:
شَكَى إِليَّ جَمَلِي طُولَ السُّرَى ... صَبْرٌ جَمِيلٌ فكِلانَا مُبْتَلى
وقرر البيضاوي ذلك فقال: شكواها مجاز عن غليانها، وأكل بعضها بعضًا مجاز عن ازدحام أجزائها، وتنفسها مجاز عن خروج ما يبرز منها، وصوب النواوي حملها على الحقيقة، وقال ابن المنير: هو المختار، وقال القرطبي: والأول أولى لأنه حَمْلُ اللفظِ على حقيقتِه، ولا إحالةَ في شيء من ذلك، وقد ورد مخاطبتها للرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين بقولها: جُزْ يا مؤمن، فقد أطفأ نورك لهبي، ويضَعَّفُ حمل ذلك على المجاز قوله (فقالت) النار في شكواها (يا رب كل بعض) أجزائـ (ي بعضًا فأذن

الصفحة 396