كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 8)

١٣٠٥ - (٠٠) (٠٠) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَخْرُجُ الإِنْسَانُ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ. فَيَجِدُهُمْ يُصلُّونَ الْعَصْرَ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
١٣٠٥ - (٠٠) (٠٠) (وحدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك) الإمام (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) الأنصاري أبي يحيى المدني، ثقة، من (٤) (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة إسحاق بن عبد الله لابن شهاب في رواية هذا الحديث عن أنس لما بين الروايتين من المخالفة في بعض الألفاظ (قال) أنس (كنا نصلي العصر) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم يخرج الإنسان) منا (إلى) منازل (بني عمرو بن عوف) بطن من الأنصار وهم على ميلين من المدينة أو هم أهل قباء (فيجدهم يصلون العصر) لكون الشمس حية مرتفعة، والمراد بهذه الأحاديث وما بعدها المبادرة لصلاة العصر أول وقتها لأنه لا يمكن أن يذهب بعد صلاة العصر ميلين أو ثلاثة والشمس لم تتغير بصفرة ونحوها إلا إذا صلى العصر حين صار ظل الشيء مثله، ولا يكاد يحصل هذا إلا في الأيام الطويلة، وقوله (ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف) إلخ، قال العلماء: منازل بني عمرو بن عوف على ميلين من المدينة، وهذا يدل على المبالغة في تعجيل صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت صلاة بني عمرو في وسط الوقت ولولا هذا لم يكن فيه حجة، ولعل تأخير بني عمرو بن عوف لكونهم كانوا أهل أعمال في حروثهم وزروعهم وحوائطهم فإذا فرغوا من أعمالهم تأهبوا للصلاة بالطهارة وغيرها، ثم اجتمعوا لها فتأخُّرُ صلاتِهم إلى وسط الوقت لهذا المعنى، وفي هذه الأحاديث وما بعدها دليل لمذهب مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء على أن وقت العصر يدخل إذا صار ظل كل شيء مثله، وقال أبو حنيفة: لا يدخل حتى يصير ظل الشيء مثليه، وهذه الأحاديث حجة للجماعة عليه مع حديث ابن عباس رضي الله عنهما في بيان المواقيت وحديث جابر وغير ذلك اهـ نواوي.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أنس الأول بحديث آخر لأنس رضي الله عنه فقال:

الصفحة 407