كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 8)

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي شريح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ»، قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الَّذِي لَا يَامَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ» (¬١). والبوائق: جمع بائقة وهي الداهية، والشيء المهلك، والأمر الشديد الذي يُوافي بغته.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ» (¬٢).
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الإحسان إلى الجار سبب لدخول الجنة، كما أن إيذاءه سبب لدخول النار. روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة قال: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ فِي النَّارِ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ (¬٣) مِنَ الَاقِطِ (¬٤)، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ فِي الْجَنَّةِ» (¬٥).
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن حرمة الجار أعظم من حرمة غيره من
---------------
(¬١) صحيح البخاري برقم ٦٠١٦، وصحيح مسلم برقم ٤٦.
(¬٢) صحيح البخاري برقم ٦١٣٦، وصحيح مسلم برقم ٤٧.
(¬٣) الأثوار: جمع ثور، وهي قطعة من الأقط.
(¬٤) الأقط: بفتح الهمزة وكسر القاف وبضمها أيضًا، وبكسر الهمزة والقاف معًا وبفتحهما، هو شيء يتخذ من مخيض اللبن الغنمي.
(¬٥) (١٥/ ٤٢١ - ٤٢٢) برقم ٩٦٧٥، وقال محققوه: إسناده حسن.

الصفحة 37