كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 8)

إلى السلاح، كان لابد من خوض الصراع السياسي حتى منتهاه وغايته، ذلك لأن الحوار عبر هذا الصراع هو الوسيلة الأمثل لإيقاظ وعي الشعب الجزائري، والإبقاء على جذوة الجهاد المتقدة.
ومن هنا تظهر أهمية العودة إلى استقراء ملامح الفترة الصعبة من الصراع السياسي والتي سبقت اندلاع الثورة الجزائرية العظمى في سنة 1954. والمثير في الأمر هو ملاحظة ذلك الاقتران في تطوير وسيلتي الصراع في وقت واحد. وسيلة الصراع السياسي العلنية، ووسيلة الصراع المسلح السرية. ولقد ساعد هذا الاقتران في تحقيق أكثر من هدف في وقت واحد.
لقد ساعد قبل كل شيء على تأمين الغطاء الشرعي، للعمل غير الشرعي - بحسب قوانين الاستعمار وأنظمته. وأسهم في ربط الصراع السياسي بالصراع المسلح. ومهد لتكوين جيل قادة المستقبل من خلال مدرسة الصراع ذاتها. فلا غرابة بعد ذلك أن يكون معظم قادة الثورة هم من خريجي تلك المدارس الحزبية التي سبقت اندلاع الثورة , لقد كانت تلك المدارس خاضعة لمجموعة من المؤثرات والعوامل. لم يكن أقلها الضغط الرهيب للإدارة الاستعمارية في الجزائر، ولم يكن أقلها ذلك التلاحم العضوي بين أجهزة الاستعمار الاستيطاني في الجزائر والحكم الإفرنسي في فرنسا ذاتها، ولم يكن أقلها أيضا تلاحم كل القوى الاستعمارية - يمينها ويسارها، رجعيها وتقدميها - في جبهة واحدة ضد الجزائر

الصفحة 7