كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 8)

وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَخْتَلِفْ حَيْثُ عَلِمَتْ، وَلَمْ تُغَيِّرْ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا عُذْرَ لَهَا فِي تَرْكِ التَّغْيِيرِ وَبِعِبَارَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَيْ الْمُوصِي حِينَ الْمَوْتِ، وَلَمْ يُغَيِّرْهُ، وَأَمَّا قَبْلَهُ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْأُولَى، وَلَا يَصِحَّ رُجُوعُهُ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا مَنْ يَقُولُ إنَّ غَيْرَ الْوَارِثِ إذَا صَارَ وَارِثًا لَا يَرِثُ إلَّا إذَا عَلِمَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَعَكْسُهُ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ نَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى غَيْرَ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يَصِيرُ عَكْسَ الْوَارِثِ

. (ص) وَاجْتَهَدَ فِي ثَمَنِ مُشْتَرٍ لِظِهَارٍ أَوْ لِتَطَوُّعٍ بِقَدْرِ الْمَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِشِرَاءِ رَقَبَةٍ لِلْعِتْقِ عَنْ ظِهَارٍ عَلَيْهِ أَوْ أَوْصَى بِشِرَائِهَا لِلْعِتْقِ تَطَوُّعًا عَنْهُ، وَلَمْ يُسَمِّ الْمُوصِي ثَمَنًا فِي الْحَالَيْنِ، فَإِنَّ مَنْ يَتَوَلَّى تَفْرِقَةَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ مِنْ وَصِيٍّ، أَوْ قَاضٍ، أَوْ وَارِثٍ، أَوْ مُقَدَّمِ قَاضٍ يَجْتَهِدُ فِي شِرَاءِ الرَّقَبَةِ الْمَذْكُورَةِ كَثْرَةً وَقِلَّةً بِقَدْرِ الْمَالِ فَلَيْسَ مَنْ تَرَكَ مِائَةَ دِينَارٍ كَمَنْ تَرَكَ أَلْفَ دِينَارٍ. (ص) ، فَإِنْ سَمَّى فِي تَطَوُّعٍ يَسِيرًا أَوْ قَلَّ الثُّلُثُ شُورِكَ بِهِ فِي عَبْدٍ، وَإِلَّا فَآخِرُ نَجْمِ مُكَاتَبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا سَمَّى ثَمَنًا قَلِيلًا لَا يَشْتَرِي بِهِ رَقَبَةً، أَوْ سَمَّى كَثِيرًا لَكِنَّ ثُلُثَ مَالِهِ لَا يَسَعُ مَا سَمَّاهُ، وَلَا يَسَعُ رَقَبَةً، فَإِنَّهُ يُشَارِكُ بِالثُّلُثِ، أَوْ بِمَا سَمَّاهُ فِي شِرَائِهِ رَقَبَةً لِلْعِتْقِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُعَانُ بِهِ مُكَاتَبٌ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْإِعَانَةُ فِي آخِرِ نَجْمٍ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْقِ قَوْلُهُ: أَوْ قَلَّ الثُّلُثُ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ، أَوْ كَثِيرًا وَقَلَّ الثُّلُثُ، وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى يَسِيرًا لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُعْطَفُ عَلَى الِاسْمِ الصَّرِيحِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ تَطَوُّعٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسَمَّى فِيهِ عِتْقًا عَنْ ظِهَارٍ، فَلَا يُشَارِكُ وَيُطْعِمُ بِمَا لَمْ يَبْلُغْ شِرَاءَ رَقَبَةٍ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ الْإِطْعَامِ شَيْءٌ وُرِثَ وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ كَفَّارَةَ الْقَتْلِ كَالتَّطَوُّعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى كَفَّارَةِ قَتْلِ الْعَمْدِ لِأَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ فَيَتَّضِحُ. (ص) وَإِنْ عَتَقَ فَظَهَرَ دَيْنٌ يَرُدُّهُ أَوْ بَعْضُهُ رَقَّ الْمُقَابِلُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ، وَلَمْ يَعْتِقْ اشْتَرَى غَيْرَهُ لِمَبْلَغِ الثُّلُثِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي اُشْتُرِيَ لِأَجْلِ التَّطَوُّعِ إذَا عَتَقَ بِأَنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ الْقَدْرُ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوصِي ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الْمُوصَى دَيْنٌ يُرَدُّ الْعَبْدُ كُلُّهُ بِأَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِ الْمُوصِي، فَإِنَّهُ يَرِقُّ كُلُّهُ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ لَمْ يُحِطْ الدَّيْنُ بِمَالِ الْمُوصِي بَلْ رُدَّ بَعْضُ الْعَبْدِ، فَإِنَّهُ يَرِقُّ مِنْهُ مَا قَابَلَ الدَّيْنَ وَيَعْتِقُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْهُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ صَارَ الْمَالَ، وَلَا شَيْءَ لِلْوَرَثَةِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَا حَجْرَ عَلَى الْمَرِيضِ فِي ثُلُثِهِ وَالْوَصِيَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْإِرْثِ فَقَوْلُهُ، وَإِنْ عَتَقَ أَيْ فِي التَّطَوُّعِ، وَأَمَّا إذَا أُعْتِقَ فِي الظِّهَارِ وَظَهَرَ دَيْنٌ يَرُدُّ الْبَعْضَ، فَإِنَّهُ يَرِقُّ الْجَمِيعُ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَنْ ظِهَارٍ بَعْضُ رَقَبَةٍ هَذَا مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ، وَإِذَا اشْتَرَى الْعَبْدَ الْمُوصَى بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ فَمَاتَ قَبْلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَالتَّقْدِيرُ هَذَا إذَا عَلِمَ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا قَبْلَهُ أَيْ وَهُوَ حِينَ الْوَصِيَّةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَا يَتَأَتَّى عِلْمُهَا حِينَ وَصِيَّتِهَا لِزَوْجِهَا الْوَارِثِ أَنَّهُ يَصِيرُ غَيْرَ وَارِثٍ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا.
(قَوْلُهُ لَا يَرِثُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَا تَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ صَارَ وَارِثًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ وَبُطْلَانِهَا وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ: بَلْ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا مَتَى صَارَ وَارِثًا عَلِمَ أَنَّهُ وَارِثٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يَصِيرُ عَكْسَ الْوَارِثِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْوَارِثُ يَصِيرُ عَكْسَ الْوَارِثِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بَدَلَ هَذَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ عَيْنَ مَا قَبْلَهُ وَقَالَ الْبَدْرُ وَالْوَارِثُ مُبْتَدَأٌ وَجُمْلَةُ يَصِيرُ غَيْرَ وَارِثٍ حَالٌ وَقَوْلُهُ وَعَكْسُهُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ الْمُعْتَبَرُ مَآلُهُ خَبَرٌ عَنْ الْمُبْتَدَأِ الْأَوَّلِ وَخَبَرُ الثَّانِي مَحْذُوفٌ وَاَلَّذِي فِي الرَّضِيِّ أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ الثَّانِي وَخَبَرُ الْأَوَّلِ مَحْذُوفٌ وَلَمْ يَجْعَلْ قَوْلَهُ الْمُعْتَبَرُ مَآلُهُ خَبَرًا عَنْهُمَا مِنْ غَيْرِ حَذْفٍ لِإِفْرَادِ الضَّمِيرِ

. (قَوْلُهُ وَاجْتَهَدَ فِي ثَمَنِ مُشْتَرًى لِظِهَارٍ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُشْتَرَى مُسْلِمًا. (قَوْلُهُ أَوْ لِتَطَوُّعٍ) أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا وَإِنْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ فِي هَذِهِ لَا غَيْرَ مُسْلِمٍ فِي الصُّورَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ كُفْرُهُ إلَّا بَعْدَ شِرَائِهِ فَيُرَدُّ.
(قَوْلُهُ يَجْتَهِدُ فِي شِرَاءِ الرَّقَبَةِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَاقِي الْكَفَّارَاتِ كَذَلِكَ فِي قَدْرِ الْمَالِ وَالِاجْتِهَادِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ فَآخِرُ نَجْمٍ) أَيْ: فَآخِرُ نَجْمٍ مُكَاتَبٍ يُعَانُ فِيهِ أَوْ الْمُعَانُ فِيهِ آخِرُ نَجْمٍ مُكَاتَبٍ فَيُقَدَّرُ الْمُبْتَدَأُ أَوْ الْخَبَرُ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعَانُ بِهِ مُكَاتَبٌ إلَخْ) أَيْ فَالتَّقْيِيدُ بِالْآخِرِ لِلنَّدْبِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ وَضَعَهُ فِي أَوَّلِ نَجْمٍ كَفَى فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نَجْمُ مُكَاتَبٍ وُرِّثَ وَكَذَا إنْ عَجَزَ أُخِذَ مِنْهُ مَا أُعِينَ بِهِ وَوُرِّثَ (قَوْلُهُ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ فَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ الظِّهَارِ مِثْلُهُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ هَذَا مَا أَفَادَهُ شُرَّاحُنَا إلَّا أَنَّ مُحَشِّيَ تت ذَكَرَ أَنَّ الصَّوَابَ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ فِي الْكَفَّارَةِ الْوَاجِبَةِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ النَّقْلِ (قَوْلُهُ رَقَّ الْمُقَابِلُ) رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ: رَقَّ الْمُقَابِلُ لِلدَّيْنِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ اشْتَرَى غَيْرَهُ لِمَبْلَغِ الثُّلُثِ) أَيْ: وَلَوْ قُسِمَتْ التَّرِكَةُ (قَوْلُهُ بَلْ رَدَّ بَعْضَ الْعَبْدِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ إلَّا مَا قَابَلَ الدَّيْنَ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَرُدُّ جَمِيعَهُ وَيُوَفَّى مِنْهُ الدَّيْنُ وَيَعْتِقُ ثُلُثُ الْبَاقِي قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقْ جَمِيعُ مَالِهِ رَدَّ الْعَبْدَ وَأَعْطَى صَاحِبَ الدَّيْنِ دَيْنَهُ ثُمَّ عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ مِقْدَارُ ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالدَّيْنِ.
(قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لِلْوَرَثَةِ فِيمَا بَقِيَ) أَيْ: فِي كُلِّ مَا بَقِيَ أَيْ: لَيْسَ لَهُمْ الْكَلَامُ فِي كُلِّ مَا بَقِيَ بَلْ لَهُمْ الْكَلَامُ فِي بَعْضِ مَا بَقِيَ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الْبَاقِيَ يَعْتِقُ ثُلُثَهُ وَمَا عَدَاهُ فَهُوَ مِلْكٌ لِلْوَرَثَةِ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرِقُّ الْجَمِيعُ إلَخْ) أَيْ وَيَقُولُ إنَّهُ إنْ عَجَزَ أَطْعَمَ فِي الظِّهَارِ بِمَا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الصَّوْمَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِطْعَامِ، فَيَكُونُ الْمُوَالِي لِلْعِتْقِ هُوَ الصَّوْمَ لَا الْإِطْعَامَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الصَّوْمُ هُنَا مُتَعَذِّرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ يَوْمَ التَّنْفِيذِ وَهُوَ مُكَلَّفٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي

الصفحة 181