كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 8)

أَنْ يَعْتِقَ، فَإِنَّهُ يَشْتَرِي غَيْرَهُ وَيُعْتِقُ إلَى مَبْلَغِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ إذْ الْعَبْدُ لَا يَكُونُ حُرًّا بِنَفْسِ الشِّرَاءِ لِأَنَّ أَحْكَامَهُ فِي أَحْوَالِهِ أَحْكَامُ عَبْدٍ حَتَّى يَعْتِقَ وَلِهَذَا لَوْ قَتَلَهُ شَخْصٌ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ تُجْعَلُ فِي عَبْدٍ آخَرَ، فَإِنْ قَصُرَتْ عَنْ رَقَبَةٍ تُمِّمَتْ بَقِيَّتُهُ مِنْ ثُلُثِ الْمَيِّتِ، أَوْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ إلَّا أَنْ يَقُولَ فِي وَصِيَّتِهِ إذَا اشْتَرَيْتُمُوهُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ حُرًّا بِنَفْسِ الشِّرَاءِ، فَإِذَا مَاتَ بَعْدَ الشِّرَاءِ، فَلَا يَلْزَمُ شِرَاءُ غَيْرِهِ لِحُصُولِ الْحُرِّيَّةِ لَكِنَّ قَوْلَهُ، وَإِنْ مَاتَ إلَخْ، يَجْرِي فِيمَا إذَا اُشْتُرِيَ لِيُعْتَقَ عَنْ ظِهَارٍ، أَوْ تَطَوُّعًا غَيْرَ أَنَّ قَوْلَهُ لِمَبْلَغِ الثُّلُثِ يَجْرِي فِيمَا إذَا اُشْتُرِيَ لِلْعِتْقِ تَطَوُّعًا مُطْلَقًا، وَأَمَّا فِيمَا إذَا اُشْتُرِيَ لِلظِّهَارِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَبْلَغُ الثُّلُثِ يُشْتَرَى بِهِ رَقَبَةٌ كَامِلَةٌ

. (ص) وَبِشَاةٍ، أَوْ عَدَدٍ مِنْ مَالِهِ شَارَكَ بِالْجُزْءِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا مَا سَمَّاهُ فَهُوَ لَهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ، أَوْ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ أَوْ بِبَعِيرٍ مِنْ إبِلِهِ، أَوْ قَالَ أَعْطُوهُ عَدَدًا مِنْ غَنَمِي، أَوْ مِنْ عَبِيدِي وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُشَارِكُ الْوَرَثَةَ فِي مَالِ الْمَيِّتِ بِالْجُزْءِ أَيْ بِنِسْبَةِ مَا أَوْصَى بِهِ إلَى نِسْبَةِ مَا أَوْصَى فِيهِ مِنْ الْغَنَمِ، أَوْ الْعَبِيدِ أَوْ الْإِبِلِ وَنَحْوِهِمْ، فَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ مَثَلًا، وَلَهُ ثَلَاثُ شِيَاهٍ كَانَ شَرِيكًا بِالثُّلُثِ، أَوْ لَهُ مِائَةٌ كَانَ شَرِيكًا بِعُشْرِ الْعُشْرِ وَعَلَى هَذَا فِي الرَّقِيقِ وَالْإِبِلِ وَنَحْوِهِمَا فَقَوْلُهُ بِعَدَدٍ أَيْ مُتَعَدِّدٍ وَحَذَفَ تَمْيِيزَهُ لِيَعُمَّ الشِّيَاهَ وَغَيْرَهَا وَقَوْلُهُ مِنْ مَالِهِ بِلَامٍ مَكْسُورَةٍ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ الْأَمْوَالِ، وَلَا يَبْعُدُ فَتْحُهَا عَلَى أَنَّ مَا مَوْصُولَةٌ، وَلَهُ صِلَتُهَا أَيْ مِنْ الَّذِي لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ، وَلَعَلَّ هَذَا أَدَلُّ عَلَى الْمُرَادِ، فَإِذَا هَلَكَ مَالُ الْمُوصِي كُلُّهُ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ سِوَى الْعَدَدِ الَّذِي سَمَّاهُ لِلْمُوصَى لَهُ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تُعَادِلُ قِيمَةَ جَمِيعِ مَالِ الْمُوصِي لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْمِلَهُ الثُّلُثُ قَالَ فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَشَرَةٍ مِنْ عَبِيدِهِ، وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ وَعَبِيدُهُ خَمْسُونَ فَمَاتَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ قَبْلَ التَّقْوِيمِ عَتَقَ مِمَّنْ بَقِيَ مِنْهُمْ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثِينَ جُزْءًا بِالسَّهْمِ خَرَجَ عَدَدُ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَوْ هَلَكُوا إلَّا عَشَرَةً عَتَقُوا إنْ حَمَلَهُمْ الثُّلُثُ، وَكَذَا مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَدَدٍ مِنْ رَقِيقِهِ، أَوْ بِعَشَرَةٍ مِنْ إبِلِهِ اهـ.
وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُهُ: شَارَكَ بِالْجُزْءِ مَعَ قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا مَا سَمَّاهُ فَهُوَ لَهُ إذْ الْحُكْمُ بِالشَّرِكَةِ مَعَ الْحُكْمِ بِالِاخْتِصَاصِ مُتَنَافِيَانِ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ شَارَكَ بِالْجُزْءِ فِيمَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ الْعَدَدِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِمَّا سَمَّى فَهُوَ قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَخْ

. (ص) لَا ثُلُثُ غَنَمِي فَتَمُوتُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَنْمٌ فَلَهُ شَاةٌ وَسَطٌ، وَإِنْ قَالَ مِنْ غَنَمِي، وَلَا غَنْمَ لَهُ بَطَلَتْ كَعِتْقِ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ فَمَاتُوا (ش) يَصِحُّ رَفْعُ ثُلُثٍ عَلَى أَنَّهُ مَعْمُولٌ لِمُقَدِّرٍ أَيْ إنَّهُ قَالَ ثُلُثُ غَنَمِي فَتَمُوتُ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ أَعْطُوا فُلَانًا ثُلُثَ غَنَمِي فَمَاتَ بَعْضُهَا، فَإِنَّهُ يُعْطَى ثُلُثَ مَا بَقِيَ، سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ وَجَرُّهُ بِفِي مُقَدَّرَةٍ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ السَّابِقُ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا مَا سَمَّى فَهُوَ لَهُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ لَا فِي ثُلُثِ غَنَمِي فَتَمُوتُ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ غَنَمِهِ إلَّا شَاةٌ أُعْطِيَ ثُلُثَهَا، وَلَا يُقَالُ يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ الثُّلُثِ يَوْمَ وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ فَيُعْطَى الثُّلُثَ مَا دَامَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ حَتَّى إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا هُوَ أَخَذَهُ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ السَّابِقَةِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي هَذِهِ بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ وَفِي السَّابِقَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ إلَى مَبْلَغِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ) أَيْ إلَى بُلُوغِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ أَيْ إلَى فَرَاغِهِ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ بِمَبْلَغِ الثُّلُثِ أَيْ بِمَبْلَغِ تَمَامِ الثُّلُثِ أَوْ بِمَبْلَغِ تَمَامِ مَرْتَبَتِهِ مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ هُنَاكَ وَصَايَا تُزَاحِمُهُ.
(قَوْلُهُ أَوْ ثُلُثُ مَا بَقِيَ) أَيْ: بِأَنْ ظَهَرَ دَيْنٌ يَمْنَعُ مِنْ نَفَاذِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ تَطَوُّعًا مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءً كَانَ مَبْلَغُ الثُّلُثِ يُشْتَرَى بِهِ رَقَبَةٌ كَامِلَةٌ أَمْ لَا

. (قَوْلُهُ أَوْ عَدَدٌ مِنْ مَالِهِ) أَيْ: مُتَعَدِّدٌ مُعَيَّنٌ مِنْ مَالِهِ كَعَشَرَةِ عَبِيدٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ بِالْجُزْءِ) أَيْ بِنِسْبَةِ الْجُزْءِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ إلَى الْمُوصَى فِيهِ مِنْ غَنَمٍ أَوْ عَبِيدٍ أَوْ إبِلٍ سَوَاءٌ كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ بَاقِيًا أَوْ زَادَ عَلَى الْعَدَدِ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ بِأَنْ هَلَكَ بَعْضُهُ وَكَانَ الْفَاضِلُ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى وَمَعْنَى مُشَارَكَتِهِ بِالْجُزْءِ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ الشِّيَاهِ عَدَدًا بِقَدْرِ تِلْكَ النِّسْبَةِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَيُرَاعَى فِي تَمْيِيزِ ذَلِكَ الْعَدَدُ إلَى الْقُرْعَةِ.
(قَوْلُهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ إلَّا بَعْضَهُ فَلَهُ مَا حَمَلَهُ.
(قَوْلُهُ كَانَ شَرِيكًا) أَيْ فِي ثُلُثِ الشَّاةِ أَوْ تَسَاوَتْ قِيمَةُ الشِّيَاهِ فِي نَفْسِهَا بِأَنْ كَانَتْ كُلُّ شَاةٍ تُسَاوِي دِينَارًا أَوْ تَفَاوَتَتْ بِأَنْ تَكُونَ شَاةٌ تُسَاوِي دِينَارًا وَشَاةٌ تُسَاوِي نِصْفَ دِينَارٍ.
(قَوْلُهُ وَلَعَلَّ هَذَا أَدَلُّ عَلَى الْمُرَادِ) التَّرَجِّي لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ هَذَا أَدَلُّ عَلَى الْمُرَادِ وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَالظَّاهِرُ مِنْ اللَّفْظِ خِلَافُ الْمُرَادِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ يُفْهَمُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ فَإِذَا هَلَكَ مَالُ الْمُوصِي كُلُّهُ) الْمُرَادُ بِالْمَالِ الْمَذْكُورُ ذَلِكَ الْمَالُ الْمُعَيَّنُ الْمُوصَى فِيهِ كَالْغَنَمِ أَوْ الْعَبِيدِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ مَالًا آخَرَ وَقَصْدُهُ إذَا هَلَكَ الْعَبِيدُ مَثَلًا إلَّا هَذَا الْقَدْرَ الَّذِي أَوْصَى بِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّ فِي الْعِبَارَةِ تَنَافِيًا حَيْثُ يَقُولُ هَلَكَ مَالُ الْمُوصِي كُلُّهُ ثُمَّ يَقُولُ وَلَمْ يَبْقَ إلَخْ (قَوْلُهُ ثَلَاثِينَ جُزْءًا بِالسَّهْمِ) أَيْ: الْقُرْعَةِ

. (قَوْلُهُ فَتَمُوتُ) أَيْ: بَعْضُهَا وَأَمَّا لَوْ مَاتَتْ كُلُّهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ بَاقِيًا (قَوْلُهُ فَلَهُ شَاةٌ وَسَطٌ) أَيْ: مِنْ غَالِبِ الضَّأْنِ إنْ غُلِّبَ أَوْ غَالِبِ الْمَعْزِ إنْ غُلِّبَ فَإِنْ لَمْ يُغَلَّبْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يُعْطَى نِصْفَ قِيمَةِ شَاةٍ وَسَطٍ مِنْ كُلٍّ مِنْ الصِّنْفَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَلَا غَنْمَ لَهُ بَطَلَتْ) أَيْ وَلَا يُنْظَرُ لِمَا يَحْدُثُ مِنْ غَنْمٍ لَهُ.
(قَوْلُهُ فَمَاتُوا) أَيْ: مَاتُوا جَمِيعًا فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ النَّظَرِ فِي ثُلُثِهِ.
(قَوْلُهُ يَصِحُّ رَفْعُ ثُلُثٍ إلَخْ) فَثُلُثٌ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ أَيْ: قَالَ لَهُ ثُلُثُ غَنَمِي وَالْجُمْلَةُ مَحْكِيَّةٌ بِالْقَوْلِ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ.
(قَوْلُهُ أَيْ: إنَّهُ قَالَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ لَا إنْ قَالَ لَهُ ثُلُثُ غَنَمِي إلَخْ.
(قَوْلُهُ أَعْطُوا فُلَانًا ثُلُثَ غَنَمِي إلَخْ) هَذَا حَلُّ مَعْنَى لَا حَلُّ إعْرَابٍ حَتَّى إنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ

الصفحة 182