كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 8)

إذَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِحُلُولِهَا عَلَيْهِ أَمَّا إنْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ وَبِبَقَائِهَا وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا، فَإِنَّهَا تُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ
فَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْحُلُولِ، وَلَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِهَا لَمْ تُجْبَرْ الْوَرَثَةُ عَلَى إخْرَاجِهَا، وَلَمْ تَكُنْ فِي ثُلُثٍ، وَلَا رَأْسِ مَالٍ، وَأَمَّا زَكَاةُ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ فَيُؤْخَذَانِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ ثُمَّ يَلِي مَا تَقَدَّمَ زَكَاةُ الْفِطْرِ لِوُجُوبِهَا بِالسُّنَّةِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِزَكَاةِ الْفِطْرِ الْمَاضِيَةِ، وَأَمَّا الْحَاضِرَةُ كَزَكَاةِ الْعَيْنِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْفِطْرِ أَوْ لَيْلَتَهُ فَأَوْصَى بِالْفِطْرَةِ فَهِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا أُمِرَ وَرَثَتُهُ بِإِخْرَاجِهَا، وَلَمْ يُجْبَرُوا كَزَكَاةِ الْعَيْنِ تَحِلُّ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ يَلِي زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي الْإِخْرَاجِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ فِي الْخَطَأِ بِخِلَافِ قَتْلِ الْعَمْدِ، فَإِنَّ الْعِتْقَ فِيهِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَالْعِتْقُ فِي الْخَطَأِ وَاجِبٌ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ إلَّا رَقَبَةً وَاحِدَةً، فَإِنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ أَيْ، وَأَمَّا كَفَّارَةُ الْعَمْدِ فَآخِرُ الْمَرَاتِبِ وَتَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَمُعَيَّنِ غَيْرِهِ ثُمَّ يَلِي عِتْقَ الظِّهَارِ وَعِتْقَ الْقَتْلِ لِخَطَأِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِأَنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ وَهُمَا عَلَى التَّرْتِيبِ ثُمَّ يَلِي كَفَّارَةَ الْيَمِينِ كَفَّارَةُ فِطْرِ رَمَضَانَ عَمْدًا بِسَبَبِ أَكْلٍ أَوْ جِمَاعٍ لِأَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ وَاجِبَةٌ بِالْكِتَابِ، وَهَذَا أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْمُرَادُ بِالْفِطْرِ مُبْطِلُ الصَّوْمِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْفِطْرَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ بِخِلَافِ الْجِمَاعِ، فَإِنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَهُوَ أَحْرَى وَالْبِسَاطِيُّ نَظَرَ لِلَفْظِ فِطْرٍ فَخَصَّهُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ثُمَّ يَلِي كَفَّارَةَ فِطْرِ رَمَضَانَ كَفَّارَةُ التَّفْرِيطِ فِي قَضَائِهِ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ لِأَنَّ كَفَّارَةَ الْفِطْرِ لِخَلَلٍ حَصَلَ بِهِ فِي ذَاتِ الصَّوْمِ وَكَفَّارَةُ التَّفْرِيطِ لِتَأْخِيرِهِ فِي قَضَائِهِ عَنْ وَقْتِهِ
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ آكَدُ ثُمَّ يَلِي كَفَّارَةَ التَّفْرِيطِ النَّذْرُ الَّذِي لَزِمَهُ، سَوَاءٌ نَذَرَهُ فِي صِحَّتِهِ، أَوْ فِي مَرَضِهِ لِأَنَّ النَّذْرَ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْإِطْعَامُ الْمَذْكُورُ وَجَبَ بِنَصِّ السُّنَّةِ فَهُوَ أَقْوَى ثُمَّ يَلِي النَّذْرَ الْمُبَتَّلُ مِنْ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ وَالْمُدَبَّرُ فِي الْمَرَضِ وَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ حَيْثُ كَانَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ، وَإِلَّا بُدِئَ بِالْأَوَّلِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُبَتَّلِ مَا يَشْمَلُ الْعِتْقَ وَمَا بُتِّلَ مِنْ صَدَقَةٍ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ وَالْعَطِيَّةَ الْمُبَتَّلَةَ يُقَدَّمَانِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَيُقَدَّمُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَيْهِمَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ يَلِي الْمُبَتَّلَ مِنْ الْعِتْقِ وَالْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ مُعَيَّنًا عِنْدَهُ كَمَرْزُوقٍ، أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُشْتَرَى عَبْدُ فُلَانٍ الْمُعَيَّنُ كَنَاصِحٍ لِأَجْلِ أَنْ يُعْتِقُوهُ، أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ إلَى شَهْرٍ، أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ فَعَجَّلَهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا أَوْصَى بِكِتَابَتِهِ فَعَجَّلَهَا وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ لَا تَقْدِيمَ لِأَحَدِهِمْ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَتَحَاصُّونَ، وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ عَنْ الْمُبَتَّلِ وَالْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهِمْ بِخِلَافِهِمَا ثُمَّ يَلِي الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَةَ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِأَنْ يُكَاتَبَ وَالْعَبْدُ الَّذِي أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ وَمَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ أَنْ يُعَجِّلَ الْعَبْدُ الْمَالَ وَالْعَبْدُ الَّذِي أَعْتَقَهُ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ يُرِيدُ أَكْثَرَ مِنْ كَشَهْرٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى مُؤَجَّلٍ وَيُعَجِّلَهُ أَوْ عَلَى مُعَجَّلٍ وَيُعَجِّلَهُ أَوْ يُطْلِقَ وَيُعَجِّلَهُ وَالظَّاهِرُ اسْتِوَاؤُهَا (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ) فِيهِ أَنَّ الْيَمِينَ أَدْخَلَهَا عَلَى نَفْسِهِ أَيْضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمُقَابَلَةَ لَا تَظْهَرُ نَعَمْ لَوْ قَالَ وَالْوَاجِبُ فِي فِطْرِ رَمَضَانَ لَمْ يَجِبْ بِالْكِتَابِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَقَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْفِطْرِ مُبْطِلُ الصَّوْمِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا خُصَّ الْفِطْرُ فَتَكُونُ تِلْكَ الْإِرَادَةُ مَجَازِيَّةً وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ) فِيهِ أَنَّ الِالْتِفَاتَ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ يَقْضِي بِمُرَاعَاةِ إبْقَاءِ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَيُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ فَإِنْ قُلْت قَصَدَهُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ فَقَطْ فَلَا يُنَافِي عُمُومَ الْمَعْنَى قُلْت لَيْسَ هَذَا مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُلْتَفَتَ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَالْبِسَاطِيُّ نَظَرَ لِلَّفْظِ فَخَصَّهُ) نَقُولُ لَا لَوْمَ عَلَى الْبِسَاطِيِّ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْجِمَاعِ تُفْهَمُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى أَوْ لَا يُقْصَدُ بِالْإِخْبَارِ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ نَذَرَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الصِّحَّةِ لَا بُدَّ مِنْ الْإِيصَاءِ بِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْهِبَاتِ الَّتِي لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْحَوْزِ قَبْلَ الْمَانِعِ وَإِلَّا بَطَلَتْ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمَرَضِ فَذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ لِلْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ أَنَّ التَّبَرُّعَاتِ فِي الْمَرَضِ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْعُمُومِ تَبِعَ فِيهِ تت قَائِلًا إنَّهُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّذِي لِأَبِي الْحَسَنِ وَالْمَوَّاقِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي نَذْرِ الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَرُتْبَتُهُ كَرُتْبَةِ مَا يَلِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ ثُمَّ الْمُبَتَّلُ إلَخْ (أَقُولُ) وَهَؤُلَاءِ مَتَى قَالُوا شَيْئًا فَلَا يُعْدَلُ عَنْ كَلَامِهِمْ، فَيَكُونُ هُوَ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ دُونَ كَلَامِ شَارِحِنَا التَّابِعِ لتت.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ) فِيهِ أَنَّ التَّفْرِيطَ الْمُوجِبَ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَمُقَابَلَتُهُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَالْإِطْعَامُ إلَخْ لَا تَظْهَرُ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ يَلِي النَّذْرَ الْمُبَتَّلُ) لَا يَخْفَى أَنَّ النَّذْرَ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلَهُ الْمُبَتَّلُ فَاعِلٌ مُؤَخَّرٌ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ) بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَقِبَ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ سُكُوتٍ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُمَا إذَا كَانَا فِي الْمَرَضِ، فَيَخْرُجَانِ مِنْ الثُّلُثِ وَذَلِكَ مَرْتَبَتُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إيصَاءٌ (قَوْلُهُ يُقَدَّمَانِ) أَيْ: عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا كَذَا فِي عج وَتَبِعَهُ مَنْ تَبِعَهُ.
(قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هَلْ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ أَوْ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ مُعَيَّنًا عِنْدَهُ) هَذَا لَفْظُ الْمُصَنِّفِ فَمُعَيَّنًا إمَّا حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ عِتْقٌ أَوْ حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ الْمُوصَى وَقَوْلُهُ عِنْدَهُ حَالٌ بَعْدَ حَالٍ أَوْ مِنْ ضَمِيرِ مُعَيَّنًا أَوْ صِفَةٌ لِمُعَيَّنًا.
(قَوْلُهُ وَيَتَحَاصُّونَ) أَيْ عِنْدَ الضِّيقِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِأَنْ يُكَاتَبَ) أَيْ: وَلَمْ يُعَجِّلْ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ وَمَاتَ الْمُوصَى قَبْلَ أَنْ يُعَجِّلَ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَلَوْ عَجَّلَهُ عَقِبَ الْمَوْتِ ثُمَّ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ وَلَمْ يُعَجِّلْهُ مُقَابِلَ قَوْلِهِ أَوْ لَا أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ فَعَجَّلَهُ وَأَيْضًا هُوَ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِهِ وَمَاتَ الْمُوصِي حَيْثُ عَبَّرَ بِالْمُوصِي فَإِنَّهُ يُفِيدُ مَا ذَكَرْنَا فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يُنْجِزْ عِتْقَهُ وَإِنَّمَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ وَلَمْ يُعَجِّلْ

الصفحة 184