كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 8)

لَازِمَةٌ مِنْ الْآنَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا لَمْ نَقْطَعْ بِاسْتِمْرَارِ تِلْكَ الْحَالَةِ لِاحْتِمَالِ صِحَّةِ الْمُورَثِ أَوْ تَغَيُّرِ الْوَارِثِ الْمُجِيزِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَمْ نَحْكُمُ بِالْإِرْثِ بِالْإِجَازَةِ الْأُولَى

. (ص) لَا إنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ وَعَتَقَ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَيَرِثُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بَعْدَ الشِّرَاءِ عَلَيْهِ، وَلَا يَرِثُ لِأَنَّهُ حَالَ الْمَوْتِ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْإِرْثِ. (ص) وَقَدَّمَ الِابْنَ عَلَى غَيْرِهِ (ش) مُرَادُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى ابْنَهُ فِي الْمَرَضِ وَبَتَّلَ عِتْقَ غَيْرِهِ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِهِمَا، فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى غَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ وَقَعَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، أَوْ فِي وَقْتَيْنِ، وَلَا مَفْهُومَ لِلِابْنِ إذْ سَائِرُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى ابْنَهُ فِي الْمَرَضِ وَغَيْرَهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ إنْ اشْتَرَاهُمَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ اشْتَرَاهُمَا فِي مَرَّتَيْنِ قُدِّمَ الْأَوَّلُ، وَكَذَلِكَ يَتَحَاصَّانِ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ مَعَ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ وتت نَظَرٌ

. (ص) ، وَإِنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ (ش) هَذِهِ مَسْأَلَةٌ تُعْرَفُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ بِمَسْأَلَةِ خَلْعِ الثُّلُثِ، فَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ دَارِهِ سِنِينَ، أَوْ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سِنِينَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّ ثُلُثَهُ لَا يَحْمِلُ ذَلِكَ كُلَّهُ أَيْ لَا يَحْمِلُ قِيمَةَ رَقَبَةِ الدَّارِ، وَلَا قِيمَةَ رَقَبَةِ الْعَبْدِ، فَإِنَّ الْوَرَثَةَ حِينَئِذٍ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُجِيزُوا وَصِيَّةَ الْمَيِّتِ أَوْ يَدْفَعُوا لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ جَمِيعِ التَّرِكَةِ مِنْ الْمَالِ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ عَيْنًا كَانَ، أَوْ عَرَضًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مَنْفَعَةَ مُعَيَّنٍ مِمَّا إذَا أَوْصَى بِنَفْسِ الْمُعَيَّنِ كَالدَّارِ الْمُعَيَّنَةِ مَثَلًا، وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً مِثْلُ مَا مَرَّ وَمَرَّةً يُخَيَّرُونَ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَيَقَعُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِمَنْفَعَةٍ وَمُعَيَّنٍ بِوَاوِ الْعَطْفِ عَلَى مَنْفَعَةٍ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَيَصِحُّ جَعْلُهُ بِمَعْنَى أَوْ وَيَجْرِي عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ غَيْرُ الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ أَيْ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَسَنَةٍ مَثَلًا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ، كَأَنْ يُوصِيَ لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ لِذَلِكَ الثُّلُثُ كَمَا مَرَّ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ أَوْ تَغَيَّرَ الْوَارِثُ) أَيْ: بِأَنْ ارْتَدَّ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ كَأَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ ثُمَّ أَقُولُ وَبَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ فَالْمُعْتَمَدُ الْإِرْثُ وَلَا يُنْظَرُ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ.
(تَنْبِيهٌ) : اُعْتُرِضَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِلْمَرِيضِ بِأَنَّ فِيهِ إدْخَالَ وَارِثٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ إدْخَالُهُ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْإِرْثِ كَتَزَوُّجِ الْمَرِيضِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْإِرْثُ مَوْجُودٌ قَطْعًا وَشِرَاؤُهُ إنَّمَا يُوجِبُ رَفْعَ مَانِعِ الْإِرْثِ وَأَيْضًا لَا شَكَّ أَنَّ الِاسْتِلْحَاقَ فِيهِ إدْخَالُ وَارِثٍ لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ وَمَا هُنَا كَالِاسْتِلْحَاقِ بَلْ أَقْوَى

. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بَعْدَ الشِّرَاءِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَوْصَى بِشِرَائِهِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ إلَخْ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الِابْنَ يُقَدَّمُ.
(قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ وتت نَظَرٌ) أَيْ فَحَمَلَا الْمُصَنِّفَ عَلَى مَا إذَا أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ وَمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَحَاصِلُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ إذَا وَسِعَ الثُّلُثُ الْجَمِيعَ خَرَجَ الْجَمِيعُ وَإِنْ ضَاقَ الثُّلُثُ قُدِّمَ الِابْنُ عَلَى غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ الرَّاجِحَ التَّحَاصُصُ عِنْدَ الضِّيقِ وَبَقِيَ مَا إذَا بَتَّلَ عِتْقَ عَبْدٍ فِي مَرَضِهِ وَأَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ فَانْظُرْ أَيَّهُمَا يُقَدَّمُ

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ) أَيْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ تَحَرَّزَ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ لِلْمَسَاكِينِ فَإِنَّ الْوَارِثَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَبَيْنَ الْقَطْعِ لَهُمْ بَتْلًا لَكِنْ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ لَا فِي كُلِّ مَتْرُوكِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يُرْجَى رُجُوعُهُ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ فَيُرْجَى إذَا هَلَكَ رُجُوعُ الْمُوصَى بِهِ لِلْوَارِثِ ثُمَّ لَا يُعَارِضُ الْمُصَنِّفَ فِي الثَّالِثَةِ آخِرُ التَّدْبِيرِ مِنْ أَنَّ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ فِي الصِّحَّةِ فَإِنْ قَالَهُ فِي الْمَرَضِ فَكَمَا هُنَا.
(قَوْلُهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ) أَيْ: ثُلُثُ جَمِيعِ التَّرِكَةِ لَكِنْ لَا يُدْفَعُ لَهُ الثُّلُثُ مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ بَلْ يَنْحَصِرُ فِي ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ كَانَ ثُلُثُهُ يَحْمِلُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ.
(قَوْلُهُ وَيَقَعُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِمَنْفَعَةٍ وَمُعَيَّنٍ) أَيْ: أَوْصَى بِمَجْمُوعِ شَيْئَيْنِ بِمَنْفَعَةِ شَيْءٍ وَبِمُعَيَّنٍ وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ كَأَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا نَصٌّ بِهَذَا الْحُكْمِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ وَبَعْضُ شُيُوخِنَا عَلَّلَ عَدَمَ الصِّحَّةِ بِقَوْلِهِ لِمَا عَلِمْت مِنْ اخْتِلَافِ الْحُكْمِ بَيْنَ الْإِيصَاءِ بِمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ وَنَفْسِ الْمُعَيَّنِ وَوَقَعَ التَّنْظِيرُ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ مِنْ مَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ عَبْدُهُ أَوْ دَارُهُ حَيْثُ لَيْسَ لَهُ سِوَاهُ أَوْ لَيْسَ مِنْ التَّعْيِينِ.
(قَوْلُهُ كَأَنْ يُوصِيَ لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَعِيدٍ مَثَلًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِيصَاءِ بِمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ وَلَكِنْ تَارَةً بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَالْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنٌ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ وَتَارَةً بِمُدَّةٍ غَيْرِ مَعْلُومَةٍ وَهِيَ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ هُنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْإِيصَاءَ بِمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ فِيهِ صُوَرٌ أَرْبَعَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ إمَّا مُعَيَّنٌ أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا وَالْمُصَنِّفُ تَكَلَّمَ عَلَى صُورَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا وَالْمُدَّةُ مُعَيَّنَةً وَالشَّارِحُ تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا وَالْمُدَّةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ وَذَكَرْنَا مَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَالْمُدَّةُ مُعَيَّنَةٌ وَالصُّورَةُ الرَّابِعَةُ هِيَ مَا إذَا كَانَ الْمُوصَى بِهِ مَنْفَعَةَ الْمُعَيَّنِ مُدَّةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَيَبْقَى صُوَرٌ أَرْبَعَةٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَنْفَعَةِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا وَالْمُدَّةُ إمَّا مُعَيَّنَةٌ أَوْ مَجْهُولَةٌ وَانْظُرْ الْحُكْمَ فِيهَا ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شب ذَكَرَ النَّصَّ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَخِدْمَةِ عَبْدٍ شَهْرًا فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ قِيمَةَ ذِي الْمَنْفَعَةِ خُيِّرَ الْوَارِثُ فِي إجَازَةِ ذَلِكَ أَوْ إعْطَائِهِ مِنْ ذِي الْمَنْفَعَةِ قَدْرَ مَحْمَلِ الثُّلُثِ اهـ.
(أَقُولُ) وَظَاهِرُهُ كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِخِدْمَةِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لِمُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ يُجْعَلُ لِذَلِكَ الثُّلُثِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُضْرَبُ لِلْمَجْهُولِ بِالثُّلُثِ وَسَوَاءً كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ مُدَّةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ

الصفحة 186