كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 8)

فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ يَقُلْ لِابْنِي أَيْ، أَوْ قَالَ إنَّمَا أُوصِي بِالثُّلُثِ أَوْ بِأَكْثَرَ لِابْنِي، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ، وَأَمَّا الْقَلِيلُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَقُلْ إلَخْ، رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلَا مَفْهُومَ لِابْنِهِ بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ مُتَّهَمٍ عَلَيْهِ

(ص) وَوَصِيٌّ فَقَطْ يَعُمُّ وَعَلَى كَذَا يَخُصُّ بِهِ كَوَصِيٍّ حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ اشْهَدُوا عَلَى أَنَّ فُلَانًا وَصِيِّي، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ وَصِيَّهُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ وَيُزَوِّجُ صِغَارَ بَنِيهِ وَمَنْ بَلَغَ مِنْ الْكِبَارِ مِنْ أَبْكَارِ بَنَاتِهِ بِإِذْنِهِنَّ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْأَبُ بِالْإِجْبَارِ أَوْ يُعَيِّنَ الزَّوْجَ وَالثَّيِّبَ بِأَمْرِهَا فَيُقَيَّدُ عُمُومُ مَا هُنَا بِمَا مَرَّ فِي بَابِ النِّكَاحِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ دَخَلَ فِي الْعُمُومِ مَا إذَا كَانَ الْمُوصِي وَصِيًّا عَلَى أَيْتَامٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَيَكُونُ لِلْوَصِيِّ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِمْ وَقِيلَ لَا يَدْخُلُونَ إلَّا بِالنَّصِّ عَلَى دُخُولِهِمْ، وَإِذَا قَالَ فُلَانٌ وَصِيِّي عَلَى الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ، فَإِنَّ نَظَرَ الْوَصِيِّ يَخْتَصُّ بِهِ، وَلَا يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ كَمَا إذَا قَالَ فُلَانٌ وَصِيِّي حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ، فَإِنَّهُ يَكُونُ وَصِيًّا لَهُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ لَكِنْ إلَى أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ، فَإِذَا قَدِمَ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ وَصِيًّا وَيَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ الْقُدُومِ، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْقَادِمُ الْوَصِيَّةَ إلَّا لِقَرِينَةٍ، فَلَوْ لَمْ يَقْدَمْ فُلَانٌ بَلْ مَاتَ قَبْلَ قُدُومِهِ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَسْتَمِرُّ عَلَى حَالِهَا وَقَوْلُهُ (أَوْ إلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ زَوْجَتِي) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ زَوْجَتِي، وَلَوْ أَتَى بِهِ لَأَسْقَطَ هَذَا الدَّالَّ أَيْ وَكَوَصِيَّتِي زَوْجَتِي إلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ فَهِيَ مَا دَامَتْ عَزَبًا وَصِيَّةٌ، وَإِذَا تَزَوَّجَتْ سَقَطَ حَقُّهَا، وَهَذَا التَّقْرِيرُ مُوَافِقٌ لِمَا عِنْدَ ابْنِ غَازِيٍّ الْمُوَافِقِ لِلنَّقْلِ، وَأَمَّا مَا فِي الشَّارِحِ فَهُوَ غَيْرُ حَسَنٍ وَجَعَلَ الْبِسَاطِيُّ قَوْلَهُ، أَوْ إلَخْ، مَعْطُوفًا عَلَى حَتَّى يَقْدَمَ وَيَتَزَوَّجَ بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّة أَيْ وَكَوَصِيِّي إلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ زَوْجَتِي فَهِيَ مَا دَامَتْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ يَكُونُ وَصِيًّا، وَإِذَا تَزَوَّجَهَا خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ مَعَ أَنَّ الْفَرْعَ الَّذِي قَبْلَهُ يُغْنِي عَنْهُ

(ص) ، وَإِنْ زَوَّجَ مُوصٍ عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ وَقَبْضِ دُيُونِهِ صَحَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا جُعِلَ وَصِيًّا عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ وَقَبْضِ دُيُونِهِ فَزَوَّجَ بَنَاتِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَإِذَا وَقَعَ صَحَّ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهُنَّ بِاتِّفَاقٍ وَقَوْلُهُ وَقَبْضِ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَمَفْعُولُ زَوَّجَ مَحْذُوفٌ أَيْ، وَإِنْ زَوَّجَ مَنْ لَمْ تُجْبَرْ، وَأَمَّا لَوْ زَوَّجَ مَنْ تُجْبَرُ فَيُفْسَخُ أَبَدًا قَوْلُهُ: صَحَّ لِمَا لَمْ يُجْعَلْ التَّزْوِيجُ لِغَيْرِهِ وَبِعِبَارَةٍ ظَاهِرُ قَوْلِهِ صَحَّ أَنَّهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا ابْتِدَاءً فَالْأَحَبُّ أَنْ لَا يَفْعَلَ حَتَّى يَعْرِضَ الْأَمْرَ عَلَى الْإِمَامِ فَيُقَدِّمَهُ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ، أَوْ يُقَدِّمَ الْأَوْلِيَاءَ عَلَيْهِ

. (ص) ، وَإِنَّمَا يُوصِي عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَبٌ، أَوْ وَصِيُّهُ (ش) هَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَامِلِ الظَّرْفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الظَّرْفُ حَالًا مِنْ الْهَاءِ أَيْ كَتَبْتهَا حَالَ كَوْنِهَا عِنْدَ فُلَانٍ وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَدْلًا أَوْ لَا قَوْلَانِ.
(قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ) هُوَ خِلَافُ مَا فِي شَرْحِ عب وَاَلَّذِي فِيهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ الْمُوصِي كَتَبْتهَا وَوَضَعْتهَا عِنْدَ فُلَانٍ فَصَدِّقُوهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَإِنْ قَالَ لِابْنِي قَائِلًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِكَتَبْتُهَا أَمَرْت فُلَانًا بِكَتْبِهَا وَهِيَ عِنْدَهُ فَأَنْفِذُوهَا وَعَلَيْهِ، فَيَرْجِعُ الشَّرْطُ الْآتِي لِهَذِهِ أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْصَيْته بِثُلُثِي ثُمَّ قَالَ ثُمَّ إنَّ الْوَصِيَّةَ تَنْفُذُ فِي مَسْأَلَةِ وَكَتَبْتهَا إلَخْ أَيْ بِمَعْنَيَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ عَقْدَهَا خَطُّهُ إلَخْ أَنَّ هَذِهِ وَكَّلَهَا لِغَيْرِهِ وَأَمَرَ بِتَصْدِيقِهِ

. (قَوْلُهُ فَيُقَيَّدُ عُمُومُ مَا هُنَا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَيُبَيَّنُ إجْمَالُ مَا هُنَا بِمَا مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ يَعُمُّ مُحْتَمِلٌ هَلْ مَعَ إجْبَارٍ أَوْ لَا فَبَيَّنَ ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ بِأَنْ يَقُولَ تُزَوَّجُ الْكِبَارُ بِإِذْنِهِنَّ مَا لَمْ يَأْمُرْهُ الْأَبُ بِالْإِجْبَارِ أَوْ يُعَيِّنْ لَهُ الزَّوْجَ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا قَالَ وَصِيٌّ عَلَى الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ) أَيْ كَوَصِيٍّ عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِي.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَصِيًّا لَهُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ إلَخْ) أَيْ: وَلِذَا قَالُوا إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَوَصِيٍّ إلَخْ تَشْبِيهٌ فِي يَعُمُّ وَيَخُصُّ؛ لِأَنَّ فِيهَا الْعُمُومَ وَالْخُصُوصَ فَهِيَ عَامَّةٌ فِي التَّصَرُّفِ خَاصَّةٌ فِي الزَّمَنِ فَهِيَ تُشْبِهُ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى فِي الْعُمُومِ وَالْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ فِي الْخُصُوصِ.
(قَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ) أَيْ: إلَّا لِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُوصِي إنْ قَدِمَ وَقَبِلَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا فِي الشَّارِحِ فَهُوَ غَيْرُ حَسَنٍ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ قَالَ أَيْ: فَهِيَ مَا دَامَتْ عَزَبًا مَعْزُولَةٌ عَنْ الْإِيصَاءِ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ وَجَبَ لَهَا ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الْفَرْعَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ تَقْرِيرَ الْبِسَاطِيِّ صَحِيحٌ أَيْضًا كَالتَّقْرِيرِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ يَسْتَغْنِي عَنْ تَقْرِيرِ الْبِسَاطِيِّ بِمَا سَبَقَ وَهُوَ قَوْلُهُ حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَثَلًا لَا خُصُوصُ الْقُدُومِ أَوْ حَتَّى يَتَزَوَّجَ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ

. (قَوْلُهُ فَزَوَّجَ بَنَاتِهِ) أَيْ: بِإِذْنِهِنَّ (قَوْلُهُ وَإِذَا وَقَعَ صَحَّ) أَيْ: فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبَرْ أَيْ: فَذَلِكَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا زَوَّجَ الْعَمُّ مَعَ وُجُودِ الْأَخِ (قَوْلُهُ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ) أَقُولُ بَلْ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مُوصًى عَلَى الْأَمْرَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ زَوَّجَ مَنْ تُجْبَرُ) أَيْ: بِأَنْ عَيَّنَ الزَّوْجُ أَوْ أَمَرَ إنْسَانًا بِالْإِجْبَارِ فَوَقَعَ أَنَّ الْمُوصَى عَلَى التَّرِكَةِ زَوَّجَهَا لِغَيْرِ الزَّوْجِ الْمُعَيَّنِ أَوْ تَعَدَّى عَلَى الْمَأْمُورِ بِالْإِجْبَارِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مَا لَمْ يَجْعَلْ التَّزْوِيجَ لِغَيْرِهِ هُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا أَوْ تَعَدَّى عَلَى الْمَأْمُورِ بِالْإِجْبَارِ.
(تَنْبِيهٌ) : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِخِلَافِ مُوصًى لَهُ بِدَفْعِ مِيرَاثِ بِنْتٍ صَغِيرَةٍ فَلَهُ تَوَلِّي بُضْعِهَا بِإِذْنِهَا وَيَصِحُّ عَقْدُهُ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى الرَّفْعَ لِلْإِمَامِ لِيَنْظُرَ هَلْ الْأَوْلَى الْعَقْدُ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَإِنَّمَا جَازَ فِي هَذِهِ دُونَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ وَصِيَّتِهِ بِهَا حَيْثُ جُعِلَ وَصِيًّا عَلَى مِيرَاثِهَا أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ جَعْلِهِ وَصِيًّا عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ وَقَبْضِ دُيُونِهِ لَهَا (قَوْلُهُ فَالْأَحَبُّ أَنْ لَا يَفْعَلَ) أَيْ فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يَفْعَلَ قَدْ يُقَالُ حَيْثُ حَكَمَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ، فَيَرْجِعُ الْأَمْرُ إلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ مِنْ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ مُقَدَّمُونَ عَلَيْهِ فَلَا دَاعِيَ إلَى الْعَرْضِ عَلَى الْإِمَامِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا تَعَلَّقَ لِلْمُوصِي حَقٌّ فِي الْجُمْلَةِ كَانَ ذَلِكَ مَظِنَّةً لِوُقُوعِ النِّزَاعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ فَلِذَلِكَ اُحْتِيجَ لِلْعَرْضِ عَلَى الْإِمَامِ فَتَدَبَّرْ

. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُوصِي إلَخْ) الْحَصْرُ فِي كَلَامِهِ مُخْرِجٌ لِلْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ فَلَا يُنَافِي فِي قَوْلِهِ كَأُمٍّ.
(قَوْلُهُ أَوْ وَصِيُّهُ) أَيْ: إذَا لَمْ يَمْنَعْهُ الْأَبُ

الصفحة 191