كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 8)

عَلَى الْمَشْهُورِ إذْ يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيِّ الْعَدَالَةُ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا (ص) ، وَلَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ عَبْدًا يُحْسِنُ الْقِيَامَ بِهِمْ، وَلَا التَّرِكَةَ إلَّا بِحَضْرَةِ الْكَبِيرِ، وَلَا يُقْسَمُ عَلَى غَائِبٍ بِلَا حَاكِمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ رَقِيقًا يُحْسِنُ الْقِيَامَ بِالْأَصَاغِرِ لِأَنَّ بَيْعَهُ لَيْسَ بِمَصْلَحَةٍ، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ التَّرِكَةَ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْكَبِيرِ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا نَظَرَ لَهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْكَبِيرُ غَائِبًا، فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَرْفَعُ إلَى السُّلْطَانِ لِيَنْظُرَ فِي أَمْرِ الْكَبِيرِ الْغَائِبِ

(ص) وَلِاثْنَيْنِ حَمْلٌ عَلَى التَّعَاوُنِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَا فَالْحَاكِمُ، وَلَا لِأَحَدِهِمَا إيصَاءٌ، وَلَا لَهُمَا قَسْمُ الْمَالِ، وَإِلَّا ضَمِنَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَصِيَّةً مُطْلَقَةً، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّعَاوُنِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُهُمَا فِي التَّصَرُّفِ بِشَيْءٍ دُونَ صَاحِبِهِ أَمَّا إنْ قَيَّدَ الْمُوصِي فِي وَصِيَّتِهِ لَهُمَا بِلَفْظٍ، أَوْ قَرِينَةٍ بِاجْتِمَاعٍ أَوْ انْفِرَادٍ، فَإِنَّهُ صَارَ إلَيْهِ، وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَنْظُرُ فِي أَمْرِ الْحَيِّ فَإِمَّا تَرَكَهُ وَحْدَهُ، وَإِمَّا شَرَّكَ مَعَهُ غَيْرَهُ كَمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي بَيْعٍ، أَوْ تَرْشِيدٍ لِلْمَحْجُورِ أَوْ تَزْوِيجٍ لَهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَنْظُرُ فِي الْأَصْلَحِ
وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُوصِيَ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ، وَإِمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ كَمَا لَهُمَا أَنْ يُوصِيَا مَعًا وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْوَصِيَّ الْوَاحِدَ لَهُ الْإِيصَاءُ كَمَا مَرَّ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الْإِيصَاءُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ يُفِيدُ أَنَّ لَهُ إيصَاءَ صَاحِبِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ لِقَوْلِهِ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَالْحَاكِمُ بِقَوْلِهِ يُرِيدُ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ بِشَيْءٍ ظَاهِرٍ، وَلَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ بَعْدُ، وَلَا لِأَحَدِهِمَا إيصَاءٌ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا عَلِمْت وَحِينَئِذٍ فَاعْتِرَاضُ تت سَاقِطٌ وَبِنَاءً عَلَى عَدَمِ التَّقْيِيدِ، وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَقْسِمَا التَّرِكَةَ شَطْرَيْنِ لِيَكُونَ شَطْرُهَا تَحْتَ يَدِ أَحَدِهِمَا يَنْظُرُ فِيهِ وَالشَّطْرُ الْآخَرُ تَحْتَ يَدِ الْآخَرِ، فَإِنْ فَعَلَا ذَلِكَ، فَإِنَّهُمَا يَكُونَانِ ضَامِنَيْنِ لِلْمَالِ أَيْ لِمَا ضَاعَ مِنْهُ، سَوَاءٌ ضَاعَ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا أَوْ مِنْ عِنْدِهِمَا مَعًا أَمَّا ضَمَانُهُ لِمَا عِنْدَهُ فَلِاسْتِقْلَالِهِ بِالنَّظَرِ فِيهِ، وَأَمَّا ضَمَانُهُ لِمَا عِنْدَ صَاحِبِهِ فَلِرَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ الضَّمَانُ مِنْهُمَا فِي الْوَدِيعَةِ إذَا اقْتَسَمَاهَا، فَلَوْ اقْتَسَمَا الصِّبْيَانَ، فَلَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ حِصَّةَ مَنْ عِنْدَهُ مِنْ الصِّبْيَانِ مِنْ الْمَالِ

. (ص) وَلِلْوَصِيِّ اقْتِضَاءُ الدَّيْنِ وَتَأْخِيرُهُ بِالنَّظَرِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الطِّفْلِ بِالْمَعْرُوفِ وَفِي خَتْنِهِ وَعُرْسِهِ وَعِيدِهِ وَدَفْعِ نَفَقَةٍ لَهُ قُلْت، وَإِخْرَاجِ فِطْرَتِهِ وَزَكَاتِهِ وَرَفْعٍ لِلْحَاكِمِ إنْ كَانَ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَدَفْعٍ مَالِهِ قِرَاضًا، أَوْ بِضَاعَةً، وَلَا يَعْمَلُ هُوَ بِهِ، وَلَا اشْتِرَاءٍ مِنْ التَّرِكَةِ وَتُعُقِّبَ بِالنَّظَرِ إلَّا كَحِمَارَيْنِ قَلَّ ثَمَنُهُمَا وَتَسَوَّقَ بِهِمَا الْحَضَرَ وَالسَّفَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ اقْتِضَاءُ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَلَهُ تَأْخِيرُهُ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِالنَّظَرِ فِي ذَلِكَ أَيْ إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلصَّغِيرِ كَخَوْفِ تَلَفِهِ، وَلَهُ أَنْ يَضَعَ مِنْ الدَّيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ أَحْوَالِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ طُرُوِّ الْفِسْقِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى عَزْلِ السُّلْطَانِ لَهُ قَالَ الْبَدْرُ وَالْفَرْقُ شَرَفُ مَنْصِبِ الْقَضَاءِ قَالَ فِي ك قَوْلُهُ وَطُرُوُّ الْفِسْقِ يَعْزِلُهُ أَيْ: يُوجِبُ عَزْلَهُ بِخِلَافِ السُّلْطَانِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ السُّلْطَانَ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ وَهَذَا لِمَصْلَحَةٍ خَاصَّةٍ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْعَدَالَةُ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْقَاضِيَ مِثْلُ السُّلْطَانِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ الْفِسْقِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا قَالَهُ الْمَخْزُومِيُّ مِنْ أَنَّهُ يُجْعَلُ مَعَهُ آخَرُ.
(قَوْلُهُ وَلَا التَّرِكَةَ) أَيْ: أَوْ شَيْئًا مِنْهَا لِقَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ تَنْفِيذِ وَصَايَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ لَيْسَ لِمَصْلَحَةٍ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ بِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَالظَّاهِرُ رَدُّهُ إنْ وَقَعَ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْكَبِيرُ غَائِبًا) أَيْ: فَإِنْ كَانَ الْكَبِيرُ غَائِبًا وَبَعُدَتْ أَوْ امْتَنَعَ رُفِعَ لِلسُّلْطَانِ، فَيَأْمُرُهُ بِالْبَيْعِ أَوْ يَأْمُرُ مَنْ يَبِيعُ مَعَهُ لِلْغَائِبِ أَوْ يَقْسِمُ مَا يَنْقَسِمُ فَإِنْ لَمْ يُرْفَعْ رُدَّ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَبْغِ ثَوْبٍ أَوْ نَسْجِ غَزْلٍ أَوْ أَكْلِ طَعَامٍ وَكَانَ قَدْ أَصَابَ وَجْهَ الْبَيْعِ فَهَلْ يَمْضِي وَهُوَ الْمُسْتَحْسَنُ أَوْ لَا وَهُوَ الْقِيَاسُ (أَقُولُ) وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ التَّعَرُّضِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُقْسَمُ عَلَى غَائِبٍ بِلَا حَاكِمٍ أَيْ:؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ قَدْ قِيلَ فِيهَا إنَّهَا بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ عَلَى الْكَبِيرِ الْغَائِبِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي (وَأَقُولُ) فَإِنْ قُسِمَ عَلَى غَائِبٍ بِلَا حَاكِمٍ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ وَتُرَدُّ وَالْمُشْتَرُونَ الْعَالِمُونَ غُصَّابٌ لَا غَلَّةَ لَهُمْ وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ أَنَّ أَمْرَ الْغَائِبِ إنَّمَا يَحْكُمُ فِيهِ الْقُضَاةُ

(قَوْلُهُ وَلِاثْنَيْنِ) أَيْ: بِلَفْظٍ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَاقِبٍ، وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ بِزَمَنٍ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ وَالْفَرْقُ الِاحْتِيَاطُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ كَالْوَصِيَّيْنِ (قَوْلُهُ حُمِلَ عَلَى التَّعَاوُنِ) فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا تَصَرُّفٌ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ دُونَ صَاحِبِهِ إلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ وَلَا لَهُمَا قَسْمُ الْمَالِ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَزِيدُ بِاجْتِمَاعِهِمَا لِأَمَانَةِ أَحَدِهِمَا وَكِفَايَةِ الْآخَرِ وَلْيَكُنْ الْمَالُ عِنْدَ أَعْدَلِهِمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْعَدَالَةِ جَعَلَهُ الْإِمَامُ عِنْدَ أَكْفَئِهِمَا، وَلَوْ جَعَلَهُ عِنْدَ أَدْنَاهُمَا لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ كِلَاهُمَا عَدْلٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا عَلِمْت) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ.
(قَوْلُهُ فَاعْتِرَاضُ تت سَاقِطٌ) أَيْ: حَيْثُ قَالَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا يُرِيدُ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ يُنَاقِضُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا لِأَحَدِهِمَا إيصَاءٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ اقْتَسَمَا الصِّبْيَانَ) يُفِيدُ أَنَّ اقْتِسَامَهُمَا الصِّبْيَانَ جَائِزٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعُتْبِيَّةِ

. (قَوْلُهُ وَفِي خَتْنِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الطِّفْلِ فِي مُؤْنَتِهِ وَفِي خَتْنِهِ وَعُرْسِهِ، وَلَوْ قَالَ كَخَتْنِهِ وَعُرْسِهِ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا (قَوْلُهُ كَخَوْفِ تَلَفِهِ) أَيْ: أَوْ ضَيَاعِهِ وَمَنْ هُوَ عَلَيْهِ مَأْمُونٌ قَالَ اللَّقَانِيِّ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْعِلَّةَ اسْتِدْعَاءُ الْإِقْرَارِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَدِينُ مُنْكِرًا فَيُؤَخَّرُ لِيَسْتَدْعِيَ إقْرَارَهُ أَوْ يَرْجُوَ بِتَأْخِيرِهِ قَبْضَ جَمِيعِهِ.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يُصَالِحَ عَلَيْهِ) أَيْ بِالْوَضْعِ مِنْهُ أَوْ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الْعُرُوضِ بَدَلَهُ

الصفحة 193