كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 8)

كَحَقِّ الْمَيِّتِ الْمُتَعَلِّقِ بِالتَّرِكَةِ مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ وَقَضَاءِ دُيُونِهِ وَحَقِّ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَغَايَتُهُ حُصُولُ مَلَكَةٍ لِلْإِنْسَانِ تُوجِبُ سُرْعَةَ الْجَوَابِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ وَالصَّوَابِ وَالتَّرِكَةُ حَقٌّ يَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ يَثْبُتُ لِمُسْتَحِقٍّ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ كَانَ لَهُ بِقَرَابَةٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا كَالنِّكَاحِ وَالْوَلَاءِ فَقَوْلُهُ حَقٌّ يَتَنَاوَلُ الْمَالَ وَغَيْرَهُ كَالْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ وَالْقِصَاصِ وَخَرَجَ بِقَابِلِ التَّجَزُّؤِ الْوَلَاءُ وَالْوِلَايَةُ إذْ يَنْتَقِلَانِ إلَى الْأَبْعَدِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَقْرَبِ لِعَدَمِ قَبُولِهِمَا التَّجَزُّؤَ، وَلَا يَرِدُ الْقِصَاصُ وَالشُّفْعَةُ وَالْخِيَارُ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَبُولِ التَّجَزُّؤِ قَبُولُ الْإِفْرَازِ بَلْ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ لِهَذَا نِصْفُهُ وَلِهَذَا ثُلُثُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا بَعْدَ مَوْتِ مَنْ كَانَ لَهُ الْحُقُوقُ الثَّابِتَةُ بِالشِّرَاءِ وَالِاتِّهَابُ وَغَيْرُهُمَا وَبِقَوْلِنَا بِقَرَابَةِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عِلْمُ الْفَرَائِضِ لَقَبًا الْفِقْهُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْإِرْثِ وَعِلْمُ مَا يُوَصِّلُ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا يَجِبُ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ مِنْ التَّرِكَةِ وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ لَا الْعَدَدُ خِلَافًا لِلصُّورِيِّ وَأَدْخَلَ بِقَوْلِهِ وَعِلْمُ مَا يُوَصِّلُ إلَخْ، كَيْفِيَّةَ الْقِسْمَةِ وَالْعَمَلَ فِي مَسَائِلِ الْمُنَاسَخَاتِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ عِلْمِ الْفَرَائِضِ قَوْلُهُ: لَا الْعَدَدُ لِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ آلَةٌ لِاسْتِخْرَاجِ الْفَرْضِ مِنْ التَّرِكَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُجْعَلْ الْعَدَدُ مَوْضُوعًا، وَلَمَّا رَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا بِإِتْقَانِ الْعَمَلِ بِالْعَدَدِ صَيَّرَ الْعَدَدَ، كَأَنَّهُ هُوَ الْمَوْضُوعُ
وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْفَرْضَ الْمُقَدَّرَ إنَّمَا خَرَجَ مِنْ التَّرِكَةِ وَهُوَ مَالٌ فَالتَّرِكَةُ أَنْسَبُ لِكَوْنِهَا مَوْضُوعَهُ وَالْعَدَدُ إنَّمَا هُوَ آلَةٌ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ ذَكَرَ خَمْسَةَ أُمُورٍ حَقَّ تَعَلُّقٍ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ وَحَقَّ تَعَلُّقٍ بِالْمَيِّتِ وَحَقَّ تَعَلُّقٍ بِالذِّمَّةِ وَحَقَّ تَعَلُّقٍ بِالْغَيْرِ وَحَقَّ تَعَلُّقٍ بِالْوَارِثِ وَالْحَصْرُ فِي هَذِهِ وَتَرْتِيبُهَا اسْتِقْرَائِيٌّ، فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ تَتَبَّعُوا مَسَائِلَ الْفِقْهِ فَلَمْ يَجِدُوهَا تَزِيدُ عَلَى هَذِهِ الْمَرَاتِبِ الْخَمْسَةِ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ عَقْلِيًّا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَقْلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَوَارِضِهَا الذَّاتِيَّةِ أَيْ فَالْعِلْمُ الْمَذْكُورُ يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ عَوَارِضِ التَّرِكَةِ الذَّاتِيَّةِ وَأَفَادَ بِالْوَصْفِ بِالذَّاتِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْوَصْفِ التَّخْصِيصُ أَنَّ الْعَارِضَ إمَّا ذَاتِيٌّ وَإِمَّا غَرِيبٌ وَلَكِنَّ الْمَبْحُوثَ فِي هَذَا الْعِلْمِ إنَّمَا هُوَ عَنْ عَوَارِضِ التَّرِكَةِ الذَّاتِيَّةِ لَا الْغَرِيبَةِ مَثَلًا كَوْنُ رُبُعِهَا لِلزَّوْجِ هَذَا عَارِضٌ ذَاتِيٌّ لَهَا لَمْ يَلْحَقْ التَّرِكَةَ بِوَصْفِ كَوْنِهَا تَرِكَةً بِوَاسِطَةِ شَيْءٍ بِخِلَافِ مَا يَعْرِضُ لَهَا مِنْ حَرْقٍ مَثَلًا فَهَذَا عَارِضٌ غَرِيبٌ لَحِقَهَا بِوَاسِطَةِ النَّارِ فَلَا يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ ذَلِكَ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي الْمَنْطِقِ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ لِحَقِّ الْمَيِّتِ) اللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ وَقَوْلُهُ فِي مُؤَنٍ بِمَعْنَى مِنْ وَقَوْلُهُ وَحَقُّ الْوَارِثِ مَعْطُوفٌ عَلَى حَقِّ الْمَيِّتِ وَقَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ أَيْ: كَاَلَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى.
(قَوْلُهُ حُصُولُ مَلَكَةِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ غَايَةٌ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الْعُلُومِ لَا خُصُوصِ الْفَرَائِضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَلْ فِي الْجَوَابِ لِلْعَهْدِ أَيْ: الْجَوَابِ الْمُتَعَلِّقِ بِعِلْمِ الْمَوَارِيثِ. (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ: إنَّ الْمُرَادَ بِالصِّحَّةِ فِي الْمَقَامِ الصَّوَابُ ضَدُّ الْخَطَأِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصِّحَّةَ مُقَابِلُهَا الْفَسَادُ وَالْفَسَادُ فِي الْمَقَامِ الْخَطَأُ لَا الْفَسَادُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْعِبَادَاتِ أَوْ الْعُقُودِ.
(قَوْلُهُ مَنْ كَانَ لَهُ) أَيْ مَنْ كَانَ الْحَقُّ لَهُ وَقَوْلُهُ بِقَرَابَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُسْتَحَقٍّ أَوْ يَثْبُتُ.
(قَوْلُهُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا) أَيْ: مَعْنَى الْقَرَابَةِ فَإِنْ قُلْت أَيُّ دَاعٍ لِقَوْلِهِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا وَهَلَّا قَالَ بِقَرَابَةٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ وَلَاءٍ قُلْت الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ أَصْلَ إيجَابِ الْإِرْثِ الْقَرَابَةُ وَلَمَّا كَانَ النِّكَاحُ وَالْوَلَاءُ فِيهِمَا اتِّصَالٌ كَاتِّصَالِ الْقَرَابَةِ جَعَلَهُمَا الشَّارِعُ سَبَبَيْنِ فِي الْإِرْثِ.
(قَوْلُهُ كَالنِّكَاحِ وَالْوَلَاءِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ (قَوْلُهُ كَالْخِيَارِ) فَإِذَا اشْتَرَى زَيْدٌ سِلْعَةً بِالْخِيَارِ وَمَاتَ، فَيَنْتَقِلُ الْخِيَارُ لِابْنِهِ بِالْإِرْثِ وَقَوْلُهُ وَالشُّفْعَةُ فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ عَمْرٍو وَزَيْدٍ شَرِكَةٌ وَبَاعَ زَيْدٌ حِصَّتَهُ وَثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِعَمْرٍو وَمَاتَ عَمْرٌو، فَيَثْبُتُ الْحَقُّ فِيهَا لِوَارِثِهِ (قَوْلُهُ وَالْقِصَاصُ) فَإِذَا قَتَلَ زَيْدٌ عَمْرًا وَكَانَ بَكْرٌ أَخًا لِعَمْرٍو وَمَاتَ بَكْرٌ، فَيَرِثُ ابْنُهُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ الْوَلَاءُ وَالْوِلَايَةُ) أَيْ وِلَايَةُ النِّكَاحِ أَيْ:؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ التَّجَزُّؤَ فِيهِ أَنْ يُقَالَ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ إذْ يُقَالُ لِزَيْدٍ نِصْفُ الْوَلَاءِ عَلَى عَمْرٍو لِمُشَارَكَةِ أَخِي زَيْدٍ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَوْلُهُ إذْ يَنْتَقِلَانِ لَا مَعْنَى لِذَلِكَ التَّعْلِيلِ فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ وَفِيهِ إنَّ الْوَلَاءَ بِمَعْنَى اللُّحْمَةِ لَا يَنْتَقِلُ إنَّمَا الَّذِي يَنْتَقِلُ مِنْ وَاحِدٍ لِوَاحِدٍ إنَّمَا هُوَ الْمَالُ وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ قَبُولِهِمَا التَّجَزُّؤَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ يَنْتَقِلَانِ وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ التَّعْلِيلِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ الْقِصَاصُ إلَخْ) حَاصِلُ السُّؤَالِ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الثَّلَاثَةَ يَقَعُ فِيهَا الْإِرْثُ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يَمْنَعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ حَقٌّ يَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ وَهَذِهِ لَا تَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا أُرِيدَ بِالتَّجَزُّؤِ الْإِفْرَازُ أَيْ التَّمْيِيزُ بِحَيْثُ يُقَالُ لِهَذَا هَذَا الْجُزْءُ وَلِهَذَا هَذَا الْجُزْءُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يُقَالَ لِهَذَا نِصْفُهُ وَلِهَذَا نِصْفُهُ وَقَوْلُهُ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ كَذَلِكَ أَيْ: يُقَالُ لِزَيْدٍ نِصْفُ الْقِصَاصِ وَعَمْرٍو النِّصْفُ الْآخَرُ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ) وَمُقَابِلُهُ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا تُمْلَكُ بِالتَّنْفِيذِ (قَوْلُهُ لَقَبًا إلَخْ) احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لَقَبًا مِنْ عِلْمِ الْفَرَائِضِ مُضَافًا بَاقِيًا عَلَى إضَافَتِهِ فَإِنَّهُ أَعَمُّ فَهُوَ مِثْلُ أُصُولِ الْفِقْهِ لَقَبًا وَإِضَافَةً وَهَكَذَا فَعَلَ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ إضَافَةً وَلَقَبًا فَهُوَ إضَافَةً يَشْمَلُ كُلَّ بَيْعٍ لِأَجَلٍ وَلَقَبًا مَقْصُورٌ عَلَى بُيُوعِ الْآجَالِ الْمُتَحَيَّلِ فِيهَا عَلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ الْمُبَوَّبِ لَهَا (قَوْلُهُ خِلَافًا) (لِلصُّورِيِّ) هُوَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بْنِ يَحْيَى الصُّورِيُّ شَارِحُ الْحَوفِيِّ الْمَالِكِيِّ (قَوْلُهُ وَأَدْخَلَ بِقَوْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ وَعِلْمُ مَا يُوصَلُ مَعْنَاهُ وَعِلْمُ شَيْءٍ يُوصِلُ وَذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُوصِلُ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَإِنْ مَاتَ بَعْضٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَالتَّرِكَةُ أَنْسَبُ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَالْمُتَعَيِّنُ.
(قَوْلُهُ اسْتِقْرَائِيٌّ) أَيْ حَاصِلٌ بِالِاسْتِقْرَاءِ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَصْرِ وَالتَّرْتِيبِ حَاصِلٌ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ

الصفحة 196