كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 8)

مِنْ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ مَالِكًا لَا يُوَرِّثُ أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَالْأُخْرَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ غَيْرَ الْمُدْلِيَةِ بِذَكَرٍ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا رَاجِعٌ لِلْإِسْقَاطِ فَكَانَ حَقُّهُ تَقْدِيمَهُ

. (ص) وَأَحَدُ فُرُوضِ الْجَدِّ غَيْرِ الْمُدْلِي بِأُنْثَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَدَّ أَبُو الْأَبِ يَكُونُ السُّدُسُ أَحَدَ فُرُوضِهِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ بِأَنْ يَكُونَ مَعَهُ ابْنٌ، أَوْ ابْنُ ابْنٍ أَوْ مَعَ ذِي فَرْضٍ مُسْتَغْرِقٍ، أَوْ مَعَ الْإِخْوَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَأَمَّا الْجَدُّ أَبُو الْأُمِّ، فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ عِنْدَنَا شَيْئًا بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ الْمُحْتَرَزُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ غَيْرِ الْمُدْلِي بِأُنْثَى ثُمَّ إنَّ الْجَدَّ لَيْسَ لَهُ فُرُوضٌ، وَإِنَّمَا لَهُ فَرْضَانِ السُّدُسُ، أَوْ الثُّلُثُ فَأَطْلَقَ الْجَمْعَ عَلَى ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْفُرُوضِ الْأَحْوَالَ. (ص) ، وَلَهُ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ الْخَيْرُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ الْمُقَاسَمَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَدَّ أَبَا الْأَبِ يُفْرَضُ لَهُ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ صَاحِبُ فَرْضٍ الْخَيْرُ أَيْ الْأَفْضَلُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ الثُّلُثِ أَيْ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ أَوْ الْمُقَاسَمَةِ فَالثُّلُثُ لَهُ إذَا زَادَ عَدَدُ الْإِخْوَةِ، أَوْ الْأَخَوَاتِ عَلَى مِثْلَيْهِ وَالْمُقَاسَمَةُ خَيْرٌ لَهُ إذَا نَقَصَ عَدَدُهُمْ عَنْ مِثْلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ عَدَدُهُمْ مِثْلَيْهِ اسْتَوَتْ الْمُقَاسَمَةُ وَثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ فَيُقَاسِمُ أَخًا وَاحِدًا، أَوْ أُخْتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَ أَخَوَاتٍ، أَوْ أَخًا وَأُخْتًا، فَإِنْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ أَخَوَانِ، أَوْ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ اسْتَوَتْ الْمُقَاسَمَةُ مَعَ الثُّلُثِ، فَإِنْ زَادَتْ الْإِخْوَةُ عَنْ الِاثْنَيْنِ وَالْأَخَوَاتُ عَنْ أَرْبَعٍ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ الثُّلُثِ، وَهَذَا مِمَّا يَفْتَرِقُ الْأَبُ فِيهِ مِنْ الْجَدِّ لِأَنَّ الْأَبَ يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ مُطْلَقًا وَالْجَدُّ لَا يَحْجُبُ إلَّا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ وَقَدْ أَشَارَ إلَى حُكْمِهِمْ بِقَوْلِهِ. (ص) وَعَادَ الشَّقِيقُ بِغَيْرِهِ ثُمَّ رَجَعَ كَالشَّقِيقَةِ بِمَالِهِمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ (ش) يَعْنِي لَوْ تَرَكَ جَدًّا لِأَبٍ وَأَخًا شَقِيقًا، وَإِخْوَةً لِأَبٍ فَالشَّقِيقُ يَعُدُّ عَلَى الْجَدِّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ لِيَمْنَعَهُ كَثْرَةَ الْمِيرَاثِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُمْ ذُو سَهْمٍ كَأُمٍّ أَوْ زَوْجَةٍ، أَوْ لَا، فَإِذَا أَخَذَ الْجَدُّ حَظَّهُ رَجَعَ الشَّقِيقُ فَأَخَذَ جَمِيعَ الْبَاقِي وَأَسْقَطَ الْإِخْوَةَ لِأَبٍ، وَكَذَلِكَ الشَّقِيقَةُ فَأَكْثَرُ تَعُدُّ عَلَى الْجَدِّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ لِتَمْنَعَهُ كَثْرَةَ الْمِيرَاثِ، فَإِذَا أَخَذَ الْجَدُّ حَظَّهُ رَجَعَتْ الشَّقِيقَةُ بِمَالِهَا وَهُوَ النِّصْفُ عِنْدَ انْفِرَادِهَا وَالثُّلُثَانِ عِنْدَ تَعَدُّدِهَا وَمَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ كَجَدٍّ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ تَصِحُّ مِنْ عَشَرَةٍ أَصْلُهَا مِنْ خَمْسَةٍ لِلْجَدِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ شَيْءٍ وَمَا عَلِمْت لَك فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهَا السُّدُسَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هَلْ مَعَك غَيْرُك فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ» ثُمَّ جَاءَتْ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ تَسْأَلُهُ عَنْ مِيرَاثِهَا فَقَالَ لَهَا مَا لَك فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ الَّذِي قَضَى بِهِ أَبُو بَكْرٍ إلَّا لِغَيْرِك وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ وَلَكِنْ هُوَ السُّدُسُ فَإِنْ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَأَيُّكُمَا خَلَتْ فَهُوَ لَهَا اهـ.
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ الَّتِي أَعْطَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ أُمُّ الْأُمِّ وَهِيَ الَّتِي جَاءَتْ الصِّدِّيقَ وَاَلَّتِي جَاءَتْ عُمَرَ هِيَ أُمُّ الْأَبِ.
(قَوْلُهُ غَيْرُ الْمُدْلِيَةِ بِذَكَرٍ) أَيْ: غَيْرُ الْأَبِ فَتَخْرُجُ أُمُّ أَبِي الْأَبِ فَلَا يُوَرِّثُهَا مَالِكٌ خِلَافًا لِزَيْدٍ وَعَلِيٍّ

. (قَوْلُهُ وَأَحَدُ فُرُوضٍ إلَخْ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَالسُّدُسُ أَحَدُ فُرُوضِ الْجَدِّ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ أَوْ مَعَ ذِي فَرْضٍ مُسْتَغْرِقٍ) مِثَالُهُ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَأُمٌّ وَجَدٌّ أَوْ بِنْتَيْنِ وَأُمٌّ وَجَدٌّ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ وَبِنْتِ الِابْنِ وَاحِدٌ وَالْأُمِّ وَاحِدٌ وَسُدُسٌ لِلْجَدِّ أَوْ ثُلُثَانِ لِلْبِنْتَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِلْجَدِّ وَاحِدٌ وَالِاسْتِغْرَاقُ بِضَمِّ حِصَّةِ الْجَدِّ.
(قَوْلُهُ أَوْ مَعَ الْإِخْوَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ) يَعْنِي إذَا كَانَ مَعَهُ ذُو فَرْضٍ لَكِنَّ الْمُنَاسِبَ إسْقَاطُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ عِنْدَنَا شَيْئًا بِلَا خِلَافٍ) وَانْظُرْ قَوْلَهُ عِنْدَنَا مَعَ أَنَّهُ أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُحْتَرَزُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُحْتَرَزُ عَنْهُ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَأَبِي الْأُمِّ وَالثَّانِي مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَأَبِي أُمِّ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ أَدْلَى بِأُمِّ الْأَبِ.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَهُ فَرْضَانِ السُّدُسُ أَوْ الثُّلُثُ) أَمَّا السُّدُسُ فَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ مَعَهُمَا السُّدُسُ وَأَمَّا الثُّلُثُ فَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَهُ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَقَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفُرُوضِ اللُّغَوِيَّةُ وَالْفُرُوضُ اللُّغَوِيَّةُ تَصْدُقُ بِالْأَحْوَالِ فَإِنَّ الْفَرْضَ لُغَةً الْحَزُّ وَالْقَطْعُ (قَوْلُهُ الْخَيْرُ) هُوَ اسْمُ تَفْضِيلٍ وَقَدْ أَتَى بِهِ مُقْتَرِنًا بِأَلْ مَعَ مِنْ الْجَارَةِ لِلْمَفْضُولِ فَهُوَ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ وَلَسْت بِالْأَكْثَرِ مِنْهُمْ حَصَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مِنْ بَيَانِيَّةٌ أَيْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ لَا لِلتَّعْدِيَةِ وَمِنْ الْبَيَانِيَّةُ حَالٌ أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ لَهُ خَيْرَ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ وَالْمَحَلُّ حِينَئِذٍ لَأَوَّلَانِ الْأَفْضَلُ أَحَدُهُمَا لَا هُمَا مَعًا هَكَذَا قَرَّرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ وَعَادَ إلَخْ) صَرَّحَ أَهْلُ الصَّرْفِ بِأَنَّ فَاعِلَ يَأْتِي بِمَعْنَى فَعَلَ فَعَادَ بِمَعْنَى عَدَّ فَالْمُفَاعَلَةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا وَالشَّقِيقُ فَاعِلٌ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَعَادَ الشَّقِيقُ الْجَدُّ بِغَيْرِهِ أَيْ وَحُسِبَ الشَّقِيقُ عَلَى الْجَدِّ غَيْرَهُ وَقِيلَ إنَّ الْمُفَاعَلَةَ عَلَى بَابِهَا يَعُدُّونَهُمْ عَلَى الْجَدِّ إثْبَاتًا وَالْجَدُّ يَعُدُّهُمْ إسْقَاطًا وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ لِتَكُونَ الْمُعَادَّةُ رَاجِعَةً لَهُمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ تَفَرَّدَ زَيْدٌ مِنْ بَيْنِ الصَّحَابَةِ فِي مُعَادَّةِ الْجَدِّ بِالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَخَالَفَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ فِي الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَشِقَّاءِ فَلَا مَعْنَى لِإِدْخَالِهِمْ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ حَيْفٌ عَلَى الْجَدِّ فِي الْمُقَاسَمَةِ وَقَدْ سَأَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ زَيْدًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إنَّمَا أَقُولُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِي كَمَا تَقُولُ أَنْتَ بِرَأْيِك.
(قَوْلُهُ كَالشَّقِيقَةِ) أَيْ فَأَكْثَرَ فَتَرْجِعُ بَعْدَ عَدِّهَا الْأَخَ لِلْأَبِ عَلَى الْجَدِّ.
(قَوْلُهُ بِمَالِهِمَا) يَصِحُّ كَسْرُ اللَّامِ وَفَتْحُهَا أَيْ: بِالْحِصَّةِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي لَهُمَا أَوْ بِالْمَالِ الْمُقَرَّرِ لَهُمَا (قَوْلُهُ فَالشَّقِيقُ يُعَدُّ إلَخْ) لَفْظُ غَيْرٍ فِي الْمُصَنِّفِ عَامٌّ إلَّا أَنَّ مُرَادَهُ بِهِ

الصفحة 202