كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 8)

وَلَوْ أَسْقَطَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ لِأَبٍ لَشَمِلَ شَبَهَ الْمَالِكِيَّةِ حَيْثُ كَانَ الْأَخُ شَقِيقًا لِكَوْنِ الْخِلَافِ مَعَ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَلَا نَصَّ فِيهَا لِمَالِكٍ، وَلَا فَرْقَ فِي الْأَخِ لِلْأَبِ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ لَا يُقَالُ الْأَخُ لِلْأَبِ سَاقِطٌ هُنَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ، فَلَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِذِكْرِهِمْ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا ذَكَرَهُمْ لِتَكُونَ هِيَ الْمَالِكِيَّةَ وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى مُخَالَفَةِ زَيْدٍ فِيهَا

. (ص) وَلِعَاصِبٍ وَرِثَ الْمَالَ، أَوْ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْفَرْضِ وَهُوَ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ وَعَصَّبَ كُلٌّ أُخْتَهُ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ وَالْإِخْوَةُ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ الشَّقِيقُ ثُمَّ لِلْأَبِ وَهُوَ كَالشَّقِيقِ عِنْدَ عَدَمِهِ (ش) أَصْلُ الْعَاصِبِ الشِّدَّةُ وَالْقُوَّةُ وَمِنْهُ عَصَبُ الْحَيَوَانِ لِأَنَّهُ يُعِينُهُ عَلَى الشِّدَّةِ وَالْمُدَافَعَةِ فَعَصَبَةُ الرَّجُلِ بَنُوهُ وَقَرَابَتُهُ لِأَبِيهِ، وَإِنَّمَا سُمُّوا عَصَبَةً لِأَنَّهُمْ عُصِّبُوا بِهِ فَالْأَبُ طَرَفٌ وَالِابْنُ طَرَفٌ وَالْعَمُّ جَانِبٌ وَالْأَخُ جَانِبٌ وَالْجَمْعُ الْعَصَبَاتُ، وَإِنَّمَا أَخَّرَ الْمُؤَلِّفُ ذِكْرَ الْعَاصِبِ عَنْ الَّذِي يَرِثُ بِالْفَرْضِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا أَبْقَتْ الْوَرَثَةُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَفَائِدَةُ وَصْفِ الرَّجُلِ بِالذُّكُورَةِ التَّنْبِيهُ عَلَى سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ وَهُوَ الذُّكُورَةُ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْعُصُوبَةِ وَالتَّرْجِيحِ فِي الْإِرْثِ وَلِهَذَا جُعِلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَيْ الْأُنْثَى وَالْعَاصِبُ بِنَفْسِهِ هُوَ الَّذِي يَرِثُ جَمِيعَ الْمَالِ إذَا انْفَرَدَ وَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ عَنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ كَالِابْنِ وَابْنِهِ عِنْدَ عَدَمِ الِابْنِ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ وَالْأَخُ الشَّقِيقِ وَالْأَخُ لِلْأَبِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّقِيقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُخَالَفَتُهُ فِي أُمِّ الْجَدِّ الْقَائِلِ فِيهَا ابْنُ التِّلِمْسَانِيِّ إلَّا عَلَى قَوْلِهِ زَيْدٌ وَحْدَهُ فَإِنَّ أُمَّ الْجَدِّ أَيْضًا جَدَّةٌ؛ لِأَنَّ لِزَيْدٍ فِيهَا قَوْلَيْنِ فَمَالِكٌ أَخَذَ فِيهَا بِأَحَدِ قَوْلَيْهِ وَلَيْسَ أَخْذُهُ بِقَوْلِ زَيْدٍ تَقْلِيدًا لَهُ بَلْ وَافَقَ اجْتِهَادُهُ وَأَدِلَّتُهُ اجْتِهَادَهُ وَأَدِلَّتَهُ اهـ.
وَانْظُرْ تَعْبِيرَهُ بِقِيلَ فَهَلْ لِكَوْنِ ذَلِكَ لَيْسَ ثَابِتًا فَهُوَ غَيْرُ مُرْتَضٍ لَهُ أَوْ أَنَّهُ مُجَرَّدُ حِكَايَةِ قَوْلِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ قَالَ بَعْضُهُمْ. (قَوْلُهُ لِكَوْنِ الْخِلَافِ مَعَ أَصْحَابِ مَالِكٍ إلَخْ) أَيْ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ مِثْلُ الْأَخِ لِلْأَبِ فِي حُكْمِهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُصَنِّفِ مِنْ السُّقُوطِ فَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ وَتَسْقُطُ الْأَشِقَّاءُ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ يَقُولُ لَوْ لَمْ أَكُنْ لَمْ تَرِثُوا شَيْئًا بِأَبِيكُمْ وَإِنَّمَا تَرْجِعُونَ إلَى الِاشْتِرَاكِ بِسَبَبِ أُمِّكُمْ وَأَنَا حَاجِبُ كُلِّ مَنْ يَرِثُ بِأُمِّهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ مَذْهَبُ زَيْدٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ السُّدُسُ وَلِلْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهَا لِأَصْحَابِ مَالِكٍ إلَخْ أَيْ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ شَبَهَ الْمَالِكِيَّةِ وَانْظُرْ مَا لَوْ كَانَ مَوْضِعُ الْأُخْتِ خُنْثَى مُشْكِلًا فِي الشُّرَّاحِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِطَالَةِ بِذِكْرِهَا

(قَوْلُهُ وَلِعَاصِبٍ وَرِثَ الْمَالَ) كُلَّهُ إذَا انْفَرَدَ تَعْرِيفُ الْعَاصِبِ بِمَا ذَكَرَ تَعْرِيفٌ لِلْعَاصِبِ بِنَفْسِهِ لَا الْعَاصِبِ الشَّامِلِ لِهَذَا وَالْعَاصِبِ بِغَيْرِهِ وَلِلْعَاصِبِ مَعَ غَيْرِهِ وَهُوَ مُنْتَقَدٌ؛ لِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ بِالْحُكْمِ فَيُؤَدِّي إلَى الدَّوْرِ وَأُجِيبَ بِجَوَابَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ تَعْرِيفٌ لَفْظِيٌّ وَالتَّعَارِيفُ اللَّفْظِيَّةُ لَا يَدْخُلُهَا الْأَدْوَارُ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى هَذَا بِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ بِالْحُكْمِ وَهُوَ دَوْرٌ خَطَأٌ الثَّانِي أَنَّهُ بَيَانٌ لِحُكْمِهِ لَا تَعْرِيفٌ لَهُ ثُمَّ عَرَّفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْعَدِّ وَقَوْلُهُ أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ الْفُرُوضِ أَيْ: أَوْ يَسْقُطُ إذَا اسْتَغْرَقَتْ الْفُرُوضُ التَّرِكَةَ إلَّا أَنْ يَنْقَلِبَ كَالْأَشِقَّاءِ فِي الْحِمَارِيَّةِ وَالْأُخْتِ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ وَلَعَلَّهُ أَسْقَطَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِعَدَمِ اطِّرَادِهَا إذْ الِابْنُ وَنَحْوُهُ لَا يَسْقُطُ بِحَالٍ أَوْ يُقَالُ هُوَ لَازِمٌ لِكَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْبَاقِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ سَقَطَ وَلَا يُقَالُ يَرِدُ الِابْنُ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ سُقُوطُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يُتَصَوَّرُ الِاسْتِغْرَاقُ مَعَ وُجُودِهِ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ ثُمَّ قَوْلُهُ وَلِعَاصِبٍ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِوَارِثٍ ثُمَّ إنْ أُرِيدَ بِالْوَارِثِ الْوَارِثُ بِالْفَرْضِ فَقَطْ كَانَ قَوْلُهُ وَلِعَاصِبٍ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ وَإِنْ جُعِلَ أَعَمَّ كَانَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ وَعَصَّبَ كُلٌّ أُخْتَهُ) أَيْ: وَقَدْ يُعَصِّبُ ابْنُ الِابْنِ ابْنَةَ عَمِّهِ كَمَا لَوْ مَاتَ شَخْصٌ وَخَلَّفَ بِنْتًا وَبِنْتَ ابْنٍ وَابْنَ ابْنٍ غَيْرِ أَخٍ لِبِنْتِ الِابْنِ بَلْ ابْنُ عَمِّهَا وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ ابْنَ الِابْنِ يُعَصِّبُ بِنْتَ الِابْنِ، وَلَوْ لَمْ يُحْجَبْ عَنْ الثُّلُثَيْنِ إذَا كَانَ فِي دَرَجَتِهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ الْأَبُ) أَيْ: عَاصِبٌ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ الْجَدُّ أَيْ غَيْرُ الْمُدْلِي بِأُنْثَى وَإِنْ عَلَا فِي عَدَمِ الْأَبِ (قَوْلُهُ ثُمَّ الشَّقِيقُ إلَخْ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ ثُمَّ وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ الْإِخْوَةُ بَدَلًا مِنْهُ مُفَصَّلًا.
(قَوْلُهُ أَصْلُ الْعَاصِبِ الشِّدَّةُ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْمُشْتَقَّ مِنْهُ عَاصِبُ الْعَصَبِ وَهُوَ الشِّدَّةُ وَالْقُوَّةُ يُقَالُ عَصَبْتُ الشَّيْءَ عَصَبًا شَدَدْتُهُ وَالرَّأْسَ بِالْعِمَامَةِ شَدَدْتُهَا وَمِنْهُ الْعِصَابَةُ لِشَدِّ الرَّأْسِ بِهَا وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ أَيْ وَمِنْ الْعَاصِبِ أَيْ وَمِنْ مَصْدَرِهِ أُخِذَ عَصَبُ الْحَيَوَانِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُعِينُهُ أَيْ إنَّمَا سُمِّيَ عَصَبُ الْحَيَوَانِ عَصَبًا؛ لِأَنَّهُ يُعِينُهُ عَلَى الشِّدَّةِ أَيْ عَلَى كَوْنِهِ شَدِيدًا أَيْ: قَوِيًّا وَقَوْلُهُ وَالْمُدَافَعَةُ أَيْ وَالدَّفْعُ وَهُوَ عَطْفٌ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ عُصِبُوا بِهِ) أَيْ: أَحَاطُوا بِهِ فَحَدَثَ لَهُ قُوَّةٌ بِذَلِكَ فَصَحَّ التَّفْرِيعُ بِقَوْلِهِ فَعَصَبَةُ الرَّجُلِ إلَخْ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعِينُهُ عَلَى الشِّدَّةِ وَالْمُدَافَعَةِ (قَوْلُهُ فَمَا أَبْقَتْ الْوَرَثَةُ) فِي شَرْحِ التَّرْتِيبِ فَمَا بَقِيَ وَقَالَ ابْنُ عب الْمَشْهُورُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ فَمَا أَبْقَتْ الْفَرَائِضُ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (قَوْلُهُ وَفَائِدَةُ وَصْفِ الرَّجُلِ بِالذُّكُورَةِ) أَيْ مَعَ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَكُونُ إلَّا ذَكَرًا أَقُولُ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُقَالَ إنَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ الرُّجُولِيَّةُ وَلَعَلَّ الِالْتِفَاتَ لِلذَّكَرِ لِكَوْنِهِ شَأْنُهُ أَنْ يُقَابَلَ بِالْأُنْثَى ثُمَّ بَعْدَ الْتِفَاتِي لِذَلِكَ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ وَالْأَحْسَنُ كَمَا فِي شَرْحِ التَّرْتِيبِ أَنَّهُ لِتَحْقِيقِ دُخُولِ الذَّكَرِ الصَّغِيرِ خَوْفًا مِنْ تَوَهُّمِ قُصُورِهِ عَلَى الْبَالِغِ وَهَلْ قُصُورُهُ عَلَى الْبَالِغِ حَقِيقَةً وَفِي الصَّغِيرِ مَجَازًا وَهُوَ مَا قَدْ تُفِيدُهُ عِبَارَةُ بَعْضِهِمْ أَوْ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ غَيْرُهُ ثُمَّ أَقُولُ وَهَلَّا اقْتَصَرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الذَّكَرِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَلَمْ يَذْكُرْ الرَّجُلَ فَمَا السِّرُّ فِي ذِكْرِ الرَّجُلِ قُلْت؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ الْمُخَاطَبَةُ مَعَ الرِّجَالِ فَقَطْ فَهُوَ أَسْبَقُ فِي الذِّهْنِ قَالَ فِي ك فَإِنْ قُلْت هَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الذُّكُورَةِ فِي الْعَصَبَةِ الْمُسْتَحِقِّ لِلْبَاقِي، فَيَخْرُجُ الْعَصَبَةُ بِغَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ قُلْت يَدُلُّ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ وَأَقْصَى دَرَجَاتِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ عُمُومٌ فَيُخَصُّ بِالْحَدِيثِ

الصفحة 205