كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 8)

الدِّيَةِ إنْ عُفِيَ عَنْهُ، وَإِنْ أَتَى بِشُبْهَةٍ تَدْرَأُ عَنْهُ الْقَتْلَ كَرَمْيِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ بِحَدِيدَةٍ مَثَلًا فَالضَّمِيرُ فِي أَتَى لِلْقَاتِلِ لَا بِقَيْدِ الْعُدْوَانِ إذْ مَعَ الشُّبْهَةِ لَا عُدْوَانَ وَنُسْخَةُ، وَإِنْ أَبًا مِنْ الْأُبُوَّةِ مُبَالَغَةٌ أَيْضًا فِي الْقَاتِلِ لَا بِقَيْدِ الْعُدْوَانِ، وَأَمَّا قَاتِلُ الْخَطَأِ فَيَرِثُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي لِمُورَثِهِ، وَلَا يَرِثُ مِنْ الدِّيَةِ وَيَرِثُ قَاتِلُ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ الْوَلَاءَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ التِّلْمِسَانِيَّة وَيَرِثَانِ مَعًا الْوَلَاءَ وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا لَهُ، وَلَاءُ عَتِيقٍ وَالْقَاتِلُ وَارِثُ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ، فَإِنَّهُ يَرِثُ مَالَهُ مِنْ الْوَلَاءِ، سَوَاءٌ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُعْتِقَ بِالْكَسْرِ إذَا قَتَلَ عَتِيقَهُ عَمْدًا يَرِثُهُ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ قَتَلَ مُورَثَهُ عَمْدًا

(ص) ، وَلَا مُخَالِفَ فِي دِينٍ كَمُسْلِمٍ مَعَ مُرْتَدٍّ، أَوْ غَيْرِهِ (ش) مِنْ الْمَوَانِعِ الْكُفْرُ، فَلَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْكَافِرُ عَبْدَ الْمُسْلِمِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَالَهُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْإِرْثِ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَالَهُ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَيْطِيُّ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ بَلْ مَالُهُ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ هَذَا حُكْمُهُ إذَا مَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ الزِّنْدِيقُ كَمَا لَوْ أَسَرَّ الْمُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّةَ أَوْ الْيَهُودِيَّةَ وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ اسْتِتَابَةٍ وَمِيرَاثُهُ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الرِّدَّةِ. (ص) وَكَيَهُودِيٍّ مَعَ نَصْرَانِيٍّ وَسِوَاهُمَا مِلَّةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ اخْتِلَافَ الدِّينِ بَيْنَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ يَمْنَعُ التَّوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَمَا عَدَاهُمَا مِنْ الْكُفْرِ مِلَّةٌ فَيَقَعُ التَّوَارُثُ بَيْنَ مَنْ عَدَاهُمَا مِنْ الْمَجُوسِ وَعُبَّادِ الشَّمْسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (ص) وَحُكِمَ بَيْنَ الْكُفَّارِ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِ إنْ لَمْ يَأْبَ بَعْضٌ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ بَعْضُهُمْ فَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ، وَإِلَّا فَبِحُكْمِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكُفَّارَ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا وَرَضُوا كُلُّهُمْ بِأَحْكَامِنَا، فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَإِلَّا أَنْ يَمْتَنِعَ بَعْضُهُمْ عَنْ حُكْمِنَا، وَإِلَّا، فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ بَعْضُ وَرَثَةِ مَنْ مَاتَ كَافِرًا وَيُقِيمَ الْبَعْضُ الْآخَرُ عَلَى كُفْرِهِ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا، فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ لِأَجْلِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، وَلَا عِبْرَةَ بِامْتِنَاعِ الْكَافِرِ مِنْهُمْ هَذَا إنْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الَّذِينَ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ مُورَثِهِمْ كِتَابِيِّينَ، فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ مَوَارِيثِهِمْ أَيْ نَقْسِمُ الْمَالَ بَيْنَهُمْ عَلَى حُكْمِ مَوَارِيثِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِأَنَّ نَسْأَلَ أَسَاقِفَهُمْ عَمَّنْ يَرِثُ عِنْدَهُمْ وَمَنْ لَا يَرِثُ وَعَنْ مِقْدَارِ مَا يُورَثُ وَيُحْكَمُ بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَهْلُ الْكِتَابِ بِحُكْمِنَا، وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَ جَمِيعُهُمْ قَبْلَ الْقَسْمِ وَأَبَوْا مِنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ فَذَكَرَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي هَذَا أَقْوَالًا الرَّاجِحُ مِنْهَا إنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حُكِمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَإِلَّا فَبِحُكْمِنَا وَبِمَا قَرَّرْنَا عُلِمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ بَعْضُهُمْ

. (ص) ، وَلَا مَنْ جُهِلَ تَأَخُّرُ مَوْتِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ مَوَانِعِ الْإِرْثِ جَهْلُ التَّأْخِيرِ وَالتَّقَدُّمِ فِي الْمَوْتِ كَمَا إذَا مَاتَ قَوْمٌ مِنْ الْأَقَارِبِ فِي سَفَرٍ، أَوْ تَحْتَ هَدْمٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّا نُقَدِّرُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ، كَأَنَّهُ لَمْ يَخْلُفْ صَاحِبَهُ، وَإِنَّمَا خَلَفَ الْأَحْيَاءَ مِنْ وَرَثَتِهِ، فَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَزَوْجَتُهُ وَثَلَاثُ بَنِينَ لَهُ مِنْهَا تَحْتَ هَدْمٍ وَجُهِلَ مَوْتُ السَّابِقِ مِنْهُمْ وَتَرَكَ الْأَبُ زَوْجَةً أُخْرَى وَتَرَكَتْ الزَّوْجَةُ ابْنًا لَهَا مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا الْمَيِّتِ فَلِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ وَمَا بَقِيَ لِلْعَاصِبِ وَمَالُ الزَّوْجَةِ لِابْنِهَا الْحَيِّ وَسُدُسُ مَالِ الْبَنِينَ لِأَخِيهِمْ لِأُمِّهِمْ وَبَاقِيهِ لِلْعَاصِبِ وَاعْلَمْ أَنَّ مُوجِبَ الْمِيرَاثِ هُنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَصِفِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى تَأْوِيلٍ اهـ.
(قَوْلُهُ وَنُسْخَةُ وَإِنْ أَبًا) أَيْ: إنَّ الْأَبَ رَمَى ابْنَهُ بِحَدِيدَةٍ شَأْنُهَا أَنْ لَا تَقْتُلَ وَكَانَ مُتَعَمِّدًا فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُدْوَانًا فَهُوَ كَالْعَمْدِ الْعُدْوَانِ وَأَمَّا لَوْ قَتَلَ ابْنَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا فَهُوَ كَالْأَجَانِبِ فَلَا وَجْهَ لِلْمُبَالَغَةِ

. (قَوْلُهُ عَبْدَ الْمُسْلِمِ) يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ وَالتَّنْوِينِ (قَوْلُهُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ) هَذَا عَالِمٌ مَالِكِيُّ الْمَذْهَبِ غَيْرُ اللُّغَوِيِّ صَاحِبِ الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ سِوَاهُمَا مِلَّةٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ مَرْزُوقٍ يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ غَيْرَ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّة مِلَلٌ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمَّهَاتِ وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ عَلَى نَقْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِهَذَا عَنْ مَالِكٍ وَفِيهِ مَقَالٌ (قَوْلُهُ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ إلَخْ) أَيْ: بَعْدَ مَوْتِ مُورَثِهِمْ حَتَّى يَتَأَتَّى إرْثُ الْمُسْلِمِ مِنْ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِسْلَامُ قَبْلَ الْمَوْتِ لَا يَتَأَتَّى الْإِرْثُ أَصْلًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا فَإِنْ قُلْت هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ وَإِنْ أَبَى الْجَمِيعُ مِنْ ذَلِكَ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إنَّهُ حَيْثُ اطَّلَعْنَا عَلَيْهِمْ فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ أَبَوْا أَوْ رَضُوا نَظَرًا لِإِسْلَامِ بَعْضِهِمْ وَأَنَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الدِّينِ كَالْعَدَمِ بِخِلَافِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِمْ إلَّا أَنْ يَرْضَوْا بِحُكْمِنَا كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ) أَيْ: وُجُوبًا وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] فَمَنْسُوخُ الْحُكْمِ ثَابِتُ التِّلَاوَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا.
(قَوْلُهُ بِأَنْ نَسْأَلَ أَسَاقِفَتَهُمْ) أَيْ عُلَمَاءَهُمْ جَمْعُ أُسْقُفٍّ بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَ جَمِيعُهُمْ قَبْلَ الْقَسْمِ) أَيْ وَبَعْدَ مَوْتِ مُورَثِهِمْ.
(قَوْلُهُ الرَّاجِحُ مِنْهَا إلَخْ) مُقَابِلُهُ قَوْلَانِ أَوَّلُهُمَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَسْمِ الْمُسْلِمِينَ مُطْلَقًا الثَّانِي مِنْهُمَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَسْمِ الشِّرْكِ مُطْلَقًا كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ أَمْ لَا.
(فَرْعٌ) رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ الَّذِينَ عَلَى الْإِسْلَامِ مِثْلِ الْمُرْجِئَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ إذَا قُتِلُوا عَلَى بِدْعَتِهِمْ فَوَرَثَتُهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُمْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَبِمَا قَرَّرْنَا إلَخْ) أَيْ فَإِنْ أَبَى بَعْضُهُمْ فَلَا يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ إلَخْ الْمُنَاسِبُ إخْرَاجُهُ مِنْ قَوْلِهِ فَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَحَكَمَ بَيْنَ الْكُفَّارِ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِ إنْ رَضُوا كَأَنْ أَسْلَمَ بَعْضٌ وَأَبَوْا إنْ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ وَإِلَّا فَبِحُكْمِهِمْ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيُفِيدَ رُجُوعَ إنْ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ لِمَا إذَا أَسْلَمَ بَعْضٌ عَلَى قَاعِدَتِهِ

الصفحة 223