كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 8)

أَوْ قَطَعَ فِيهِ مَعْطُوفٌ مُقَدَّرٌ تَقْدِيرُهُ عُضْوٌ وَقَرِينَتُهُ دَمٌ وَالدَّمُ فِي النَّفْسِ وَالْعُضْوُ الْمَعْطُوفُ يُغَايِرُ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ أَيْ أَوْ عُضْوُ مَنْ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ وَالْوَلِيُّ فِي الْقَتْلِ أَجْنَبِيٌّ وَفِي الْقَطْعِ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَا قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ وَقَوْلُهُ (كَدِيَةِ خَطَأٍ) تَشْبِيهٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا جَنَى خَطَأً عَلَى مَنْ قَتَلَ عَمْدًا أَوْ قَطَعَ عُضْوًا عَمْدًا فَإِنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ أَوَّلًا يَسْتَحِقُّ دِيَةَ الْمَقْتُولِ ثَانِيًا خَطَأً وَأَنَّ الْمَقْطُوعَ أَوَّلًا يَسْتَحِقُّ دِيَةَ يَدِ الْمَقْطُوعِ ثَانِيًا خَطَأً فَقَوْلُهُ كَدِيَةِ خَطَأٍ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ (ص) فَإِنْ أَرْضَاهُ وَلِيُّ الثَّانِي فَلَهُ (ش) يَعْنِي فَإِنْ حَصَلَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَوَّلًا الرِّضَا مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ ثَانِيًا فَلَهُ أَيْ فَيَصِيرُ دَمُ الْقَاتِلِ الثَّانِي لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الثَّانِي إنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا عَنْهُ فَقَوْلُهُ الثَّانِي أَيْ الْمَقْتُولُ الثَّانِي وَهُوَ الْقَاتِلُ الْأَوَّلُ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَقْصٌ وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ فَلِوَلِيِّ الثَّانِي الْقَتْلُ أَوْ الْعَفْوُ وَأَمَّا تَخْيِيرُ وَلِيِّ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ أَرْضَاهُ وَلِيُّ الثَّانِي لِأَنَّ الرِّضَا لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ التَّخْيِيرِ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ

(ص) وَإِنْ فُقِئَتْ عَيْنُ الْقَاتِلِ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَلَوْ مِنْ الْوَلِيِّ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ لَهُ فَلَهُ الْقَوَدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاتِلَ إذَا تَعَدَّى عَلَيْهِ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ أَوْ وَلِيُّ الدَّمِ فَقَطَعَ يَدَهُ مَثَلًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَهُ الْقِصَاصُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ عَمْدًا سَوَاءٌ كَانَ الْفَاعِلُ أَجْنَبِيًّا أَوْ وَلِيَّ الدَّمِ سَوَاءٌ فَعَلَهُ بَعْدَ أَنْ أُسْلِمَ إلَيْهِ أَوْ قَبْلَهُ ثُمَّ يَقْتُلُونَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ أَطْرَافَ الْقَاتِلِ مَعْصُومَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُسْتَحِقِّ الدَّمِ وَإِلَى غَيْرِهِ وَلَهُ أَخْذُ الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ فَقَوْلُهُ يَدُهُ أَيْ طَرَفٌ مِنْ أَطْرَافِهِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ الْوَلِيِّ بَعْدَ أَنْ أُسْلِمَ لَهُ مُبَالَغَتَانِ فَأَوْلَى مِنْ غَيْرِ الْوَلِيِّ وَمِنْ الْوَلِيِّ قَبْلَ أَنْ يُسَلَّمَ إلَيْهِ

(ص) وَقُتِلَ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَدْنَى يُقْتَلُ بِالْأَعْلَى مِثَالُهُ حُرٌّ كِتَابِيٌّ قَتَلَ عَبْدًا مُسْلِمًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ لِأَنَّهُ أَدْنَى وَالْعَبْدُ الْمُسْلِمُ أَعْلَى إذْ حُرْمَةُ الْإِسْلَامِ لَا تُوَازِيهَا حُرِّيَّةُ الْكَافِرِ وَأَمَّا الْعَكْسُ فَلَا قِصَاصَ كَمَا إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ حُرًّا كِتَابِيًّا فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ كَمَا مَرَّ (ص) وَالْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ مِنْ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَمُؤَمَّنٍ (ش) الْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَالْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ وَالْمَجُوسُ وَعُبَّادُ النَّارِ وَعُبَّادُ الْأَوْثَانِ وَغَيْرُهُمْ يُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَلَا يُقْتَصُّ لَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِ لِنَقْصِهِمْ عَنْهُ فِي الدِّينِ وَمُؤَمَّنٌ اسْمُ مَفْعُولٍ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ وَهُوَ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لِشُمُولِ الْكَافِرِ لِمَا ذُكِرَ (ص) كَذَوِي الرِّقِّ (ش) أَيْ فَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَلَا يُقْتَصُّ لَهُمْ مِنْ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لِنَقْصِهِمْ عَنْهُ بِالْحُرِّيَّةِ (ص) وَذَكَرٍ وَصَحِيحٍ وَضِدِّهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَقَرِينَتُهُ دَمٌ) لِأَنَّ الدَّمَ وَقَعَ مُسْتَحَقًّا وَالْمُقَابِلُ لِلْمُسْتَحَقِّ فِي غَيْرِ النَّفْسِ لَا يَكُونُ إلَّا عُضْوًا وَقَوْلُهُ وَالْعُضْوُ الْمَعْطُوفُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَحِينَئِذٍ فَالْعَطْفُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعُضْوَ الْمَعْطُوفَ يُغَايِرُ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَفِي قَطْعِ الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ لَا يَخْفَى مَا فِي تَسْمِيَتِهِ وَلِيًّا مِنْ الْمُسَامَحَةِ وَغَايَةُ مَا فِيهَا أَنَّهُ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَجَازِ بِالْحَذْفِ فَكَانَ أَوْلَى مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ مَجَازًا خَالِصًا بَلْ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَقَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِمَا قَالَهُ رَأْيٌ مِنْ أَنَّ فِيهِ لَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا وَالتَّقْدِيرُ وَاسْتَحَقَّ وَلِيٌّ أَوْ مَقْطُوعٌ دَمَ مِنْ قَتْلِ الْقَاتِلِ أَوْ يَدَ مَنْ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ اهـ.
وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ التَّقْدِيرِ (قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) عِبَارَةُ بَعْضِهِمْ أَفْيَدُ وَنَصُّهُ فَإِنْ أَرْضَاهُ أَيْ أَرْضَى وَلِيُّ الدَّمِ الْأَوَّلِ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ الثَّانِي وَهُوَ الْقَاتِلُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ فَأَمْرُ الْقَاتِلِ لَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى وَاسْتَحَقَّ وَلِيٌّ دَمَ مَنْ قُتِلَ وَعَلَى قَوْلِهِ كَدِيَةِ خَطَأٍ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ وَمَا بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الرِّضَا لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ التَّخْيِيرِ أَيْ بَيْنَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ الَّذِي قَتَلَ الْقَاتِلَ وَلَوْ بَذَلَ لَهُ وَلِيُّ الثَّانِي أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ مَوْكُولٌ إلَى اخْتِيَارِ وَلِيِّ الْأَوَّلِ فِي أَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِمَا بَذَلَ لَهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الثَّانِي مِنْ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَهُ أَنْ يَرْضَى وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِأَوْلِيَاءِ الثَّانِي أَنْ يَدْفَعُوا الدِّيَةَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ وَيَقْتُلُوهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَفَهِمَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى إجْبَارِ أَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى قَبُولِ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ أَرْضَاهُ أَيْ أَرْضَى وَلِيُّ الدَّمِ الْأَوَّلِ وَلِيَّ الْقَاتِلِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ فَدَمُهُ لِوَلِيِّ الْقَاتِلِ الثَّانِي إنْ شَاءَ اقْتَصَّ أَوْ عَفَا انْتَهَى أَيْ فَصَوَابُهُ الْمَقْتُولُ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا وَكَلَامُ تت فِيهِ نَقْصٌ الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ الَّذِي فِي تت إنَّمَا هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ لَيْسَ فِيهِ نَقْصٌ إنَّمَا هُوَ خِلَافُ الصَّوَابِ

(قَوْلُهُ أَيْ طَرَفٌ مِنْ أَطْرَافِهِ) أَيْ فَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخَاصَّ وَهُوَ الْيَدُ وَأَرَادَ الْعَامَّ وَهُوَ مُطْلَقُ طَرَفٍ

(قَوْلُهُ وَالْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ لَا فِي بَابِ الْفَرَائِضِ فَالْمِلَلُ فِيهَا ثَلَاثٌ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَمَا عَدَاهُمَا مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْحَرْبِيِّينَ لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ وَقَوْلُهُ وَالْمَجُوسُ أَيْ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِأَنَّ الْإِلَهَ اثْنَانِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ وَمَا قَبْلَهُ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّ " مُؤَمَّنٌ " مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مُحْتَوٍ عَلَى عَطْفٍ عَامٍّ وَهُوَ مُؤَمَّنٌ عَلَى خَاصٍّ وَهُوَ كِتَابِيٌّ وَمَجُوسِيٌّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكِتَابِيَّ وَالْمَجُوسِيَّ كُلٌّ مِنْهُمَا دَاخِلٌ تَحْتَ أَمَانِنَا فَهُمَا مِنْ أَفْرَادِ الْمُؤَمَّنِ وَإِنْ كَانَ بِحَسَبِ مَا قَالَ لَا يَدْخُلَانِ لِأَنَّهُ فَسَّرَهُ بِمَنْ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا كَانَ فِيهِ تَحْتَ ذِمَّتِنَا مِنْ يَهُودِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ مِمَّنْ تَوَلَّدَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ لِشُمُولِ الْكَافِرِ لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ كَافِرٍ بَلْ مُرَادُهُ كَافِرٌ مَخْصُوصٌ وَهُوَ مُؤَمَّنٌ

الصفحة 6