كتاب روضة الطالبين- الكتب العلمية (اسم الجزء: 8)

وإن كان فيها خط من ليس بأهل، قال الصيمري وغيره: لم يفت معه، لان ذلك تقرير للخطأ، بل يضرب عليه، وينهر المستفتي، ويعرفه قبح ما فعله، وأنه كان واجبا عليه البحث عن أهل الفتوى. وإن رأى فيها اسم من لا يعرفه، سأل عنه، فإن لم يعرفه، فله الامتناع خوفا مما قلناه. والاولى أن يأمر صاحبها بإبدالها، فإن أبى، أجابه شفاها، وإذا خاف فتنة من الضرب عليها، ولم تكن فتياه خطأ، امتنع من الافتاء معه. وهل يجوز للعامي أن يتخير ويقلد أي مذهب شاء، نظر إن كان منتسبا إلى مذهب، بني على وجهين، حكاهما القاضي حسين في أن العامي هل له مذهب أم لا ؟ أحدهما: لا، لان المذهب لعارف الادلة، فعلى هذا له أن يستفتي من شاء، وأصحهما عند القفال له مذهب، فلا تجوز مخالفته. وإن لم يكن منتسبا، بني على وجهين، حكاهما ابن برهان بفتح الباء من أصحابنا في أن العامي هل يلزمه التقيد بمذهب معين ؟ أحدهما: لا، فعلى هذا هل له أن يقلد من شاء أم يبحث عن أسد المذاهب، فيقلد أهله وجهان، كالبحث عن الاعلم. والثاني وبه قطع أبو الحسن إلكيا: يلزمه. وهو جار في كل من يبلغ رتبة الاجتهاد من الفقهاء وأصحاب سائر العلوم، لئلا يتلقط رخص المذاهب بخلاف العصر الاول، ولم تكن مذاهب مدونة، فيتلقط رخصها. فعلى هذا يلزمه أن يختار مذهبا يقلده في كل شئ، وليس له التمذهب بمجرد التشهي، ولا بما وجد عليه أبده، هذا كلام الاصحاب. والذي يقتضيه الدليل أنه لا يلزمه التمذهب بمذهب، بل يستفتي من شاء، أو من اتفق، لكن من غير تلقط للرخص. ولعل من منعه لم يثق بعدم تلقطه. وإذا استفتى وأفتاه المفتي، فقال أبو المظفر السمعاني: لا يلزمه العمل به إلا بإلزامه، قال: ويجوز أن يقال: يلزمه إذا أخذ في العمل به، وقيل: يلزمه إذا وقع في نفسه صحته، قال: وهذا أولى الاوجه، والمختار ما نقله الخطيب وغيره، أنه إذا لم يكن هناك مفت

الصفحة 101