كتاب روضة الطالبين- الكتب العلمية (اسم الجزء: 8)

حجة أو إجماعا، وهل يفرق في كونه حجة وإجماعا بين أن يكون ذلك القول مجرد فتوى، أو حكما من إمام أو قاض ؟ فيه طرق قال ابن أبي هريرة: فإن كان فتوى، فحجة، وإن كان حكما، فلا، لان الاعتراض على الامام ليس من الادب، ولعل السكوت لذلك. وقال أبو إسحق عكسه، لان الحكم يصدر عن مشاورة ومراجعة، وقال الاكثرون: لا فرق، وكانوا يعترضون على الامام كغيره، فقد خالفوا أبا بكر رضي الله عنه في الحد، وعمر رضي الله عنه في المشركة. ومختصر هذا الاختلاف أوجه، الصحيح أنه حجة، والثاني حجة وإجماع، والثالث ليس بحجة، والرابع من المفتي حجة، ومن الحاكم لا، الخامس عكسه هذا إذا نقل السكوت، أما إذا لم ينقل قول ولا سكوت، فيجوز أن لا يلحق بهذا، ويجوز أن يستدل به على السكوت. قلت: المختار أن عدم النقل كنقل السكوت، لانه الاصل والظاهر. والله أعلم. القاعدة الثانية: اختلفت عبارات الاصحاب في تفسير القياس، والاقرب إلى كلام الشافعي رحمه الله أن القياس نوعان جلي وغيره، وأما الجلي، فهو الذي يعرف به موافقة الفرع للاصل بحيث ينتفي احتمال مفارقتهما، أو يبعد، وذلك كظهور التحاق الضرب بالتأفيف في قوله تعالى: * (فلا تقل لهما أف) * وما فوق الذرة بالذرة في قوله تعالى: * (فمن يعمل مثقال ذرة) * الآية، وما فوق النقير بالنقير في قوله تعالى: * (ولا يظلمون نقيرا) * ونظائره، فإن فروع هذه الاحكام أولى من الاصول، وبعض الاصحاب لا يسمي هذا قياسا، ويقول: هذه الالحاقات

الصفحة 134