سلفا وخلفا، وباب الرواية على التوسعة، ولو كتب إليه شيخ بالاجازة، وعرف خطه، جاز له أن يروي عنه تفريعا على اعتماد الخط، فيقول: أخبرني فلان كتابة، أو في كتابة، أو كتب إلي وهذا على تجويز الرواية بالاجازة وهو الصحيح، ومنعها القاضي حسين. قلت: وقد منعها أيضا الماوردي في الحاوي ونقل هو منعها عن الفقهاء، وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله، ولكن أظهر قوليه، والمشهور من مذاهب السلف والخلف، والذي عليه العمل صحة الاجازة، وجواز الرواية بها، ووجوب العمل بها. ثم هي سبعة أنواع قد لخصتها بفروعها وأمثلتها وما يتعلق بها في الارشاد في مختصر علوم الحديث، وأنا أذكر منها هنا رموزا إلى مقاصدها تفريعا على الصحيح، وهو جوازها. الاول: إجازة معين لمعين، كأجزتك رواية صحيح البخاري، أو ما اشتملت عليه فهرستي وهذه أعلى أنواعها. الثاني: إجازة غير معين لمعين، كأجزتك مسموعاتي أو مروياتي والجمهور على أنه كالاول، فتصح الرواية به، ويجب العمل بها، وقيل بمنعه مع قبول الاول. الثالث: أن يجيز لغير معين بوصف العموم، كأجزت المسلمين، أو كل أحد أو من أدرك زماني ونحوه، فالاصح أيضا جوازها، وبه قطع القاضي أبو الطيب، وصاحبه الخطيب البغدادي وغيرهما من أصحابنا، وغيرهم من الحفاظ. ونقل الحافظ أبو بكر الحازمي المتأخر من أصحابنا أن الذين أدركهم من الحفاظ كانوا يميلون إلى جوازها. الرابع: إجازة مجهول أو لمجهول، كأجرتك كتاب السنن وهو يروي كتبا من السنن، أ أجزت لزيد بن محمد وهناك جماعة كذلك، فهذه باطلة. فإن أجاز لمسمين معينين لايعرف أعيانهم ولا أنسابهم ولا عددهم، صحت، كما لو سمعوا منه في مجلسه في مثل هذا الحال. الخامس: الاجازة لمعدوم، كأجزت لمن يولد لفلان أو لفلان، ومن يولد له، فالصحيح بطلانها، وبه قطع القاضي أبو الطيب، وابن الصباغ، وجوزه الخطيب وغيره. والاجازة للطفل الذي لا يميز صحيحة على الصحيح، وبه قطع القاضي أبو الطيب، ونقله الخطيب عن شيوخه كافة.