كتاب روضة الطالبين- الكتب العلمية (اسم الجزء: 8)

السادسة: قد سبق في باب الوليمة الخلاف في أن الاجابة إليها واجبة أم مستحبة ؟ وذلك في غير القاضي. أما القاضي، فلا يحضر وليمة أحد الخصمين في حال خصومتهما ولا وليمتهما، لانه قد يزيد أحدهما في إكرامه، فيميل إليه قلبه، وأما وليمة غير الخصمين، فثلاثة أوجه، أحدها: تحرم عليه الاجابة إليها، والثاني: تجب إذا أوجبناها على غيره، والثالث وهو الصحيح: لا تحرم ولا تجب، بل تستحب بشرط التعميم، فإن كثرت وقطعته عن الحكم، تركها في حق الجميع، ولا يخص بعض الناس، لكن لو كان يخص بعض الناس قبل الولاية بإجابة وليمة، فنقل ابن كج عن نص الشافعي رحمه الله أنه لا بأس بالاستمرار، وتكره إجابته إلى دعوة اتخذت لاجل القاضي خاصة أو للاغنياء ودعي فيهم، ولا يكره إلى ما اتخذ للجيران وهو منهم، أو للعلماء ودعي فيهم. واعلم أن إجابة غير وليمة العرس من الدعوات مستحبة، وظاهر ما أطلقه الاصحاب ثبوت الاستحباب في حق القاضي أيضا، وإن كان الاستحباب في الوليمة آكد، ومنهم من خص الاستحباب بالوليمة، وبه قال ابن القاص. فرع لا يضيف القاضي أحد الخصمين دون الآخر ويجوز أن يضيفهما معا على الصحيح، ومنعه أبو إسحق، لانه قد يتوهم كل واحد أن المقصود بالضيافة صاحبه، وأنه تبع، وهذا يشكل بسائر وجوه التسوية. السابعة: له أن يشفع لاحدهما، وأن يؤدي المال عمن عليه، لانه ينفعهما. الثامنة: يعود المرضى، ويشهد الجنائز، ويزور القادمين، وإذا لم يمكنه الاستيعاب، فعل الممكن من كل نوع، ويخص به من عرفه، وقرب منه. قال القاضي أبو حامد: هو كإجابة الوليمة يعم الجميع أو يترك الجميع، والصحيح الاول، وبه قطع الجمهور، لان معظم المراد بهذه الانواع الثواب، ولا فرق في هذه الانواع بين المتخاصمين وغيرهما هكذا قاله الاكثرون. وفي أمالي أبي الفرج أنه لا يعود الخصم ولا يزوره إذا قدم، لكن يشهد جنازته.
الطرف الرابع : في البحث عن حال الشهود وتزكيتهم وفيه مسائل: الاولى: لا يجوز للقاضي أن يتخذ شهودا معينين لا يقبل شهادة غيرهم، لما فيه من التضييق على الناس.

الصفحة 151