كتاب روضة الطالبين- الكتب العلمية (اسم الجزء: 8)

عند المزكين، فإن كان جرحا لم يظهره، وقال للمدعي: زدني في الشهود، وإن كان تعديلا، عمل بمقتضاه، ثم حكى الاصحاب والحالة هذه وجهين في أن الحكم بقول المزكين، أم بقول أصحاب المسائل ؟ قال أبو إسحق: بقول المزكين، لان أصحاب المسائل شهود على شهادة، فكيف تقبل مع حضور الاصل ؟ وإنما هم رسل وعلى هذا يجوزأن يكون صاحب المسألة واحدا، فإن عاد بالجرح، توقف القاضي، وإن عاد بالتعديل، دعا مزكيين ليشهدا عنده بعدالة الشاهد، ويشيرا إليه، ويأمن بذلك من الغلط من شخص إلى شخص. قال الاصطخري: إنما يحكم بقول أصحاب المسائل، ويبنى على ها ثبت عندهم بقول المزكين. قال ابن الصباغ: وهذا وإن كان شهادة على شهادة تقبل للحاجة، لان المزكي لا يكلف الحضور، وقول الاصطخري أصح عند الشيخ أبي حامد، والقاضي أبي الطيب وغيرهما. قالوا: وعلى هذا إنما يعتمد القاضي قول اثنين من أصحاب المسائل، فإن وصفاه بالفسق، فعلى ما سبق، وإن وصفاه بالعدالة أحضر الشاهدين ليشهدا بعدالته، ويشيرا إليه وإذا تأملت كلام الاصحاب، فقد تقول: ينبغي أن لا يكون في هذا خلاف محقق، بل إن ولي صاحب المسألة الجرح والتعديل، فحكم القاضي مبني على قوله، ولا يعتبر العدد، لانه حاكم، وإن أمره بالبحث، بحث ووقف على حال الشاهد، وشهد بما وقف عليه، فالحكم أيضا مبني على قوله، لكن يعتبر العدد، لانه شاهد، وإن أمره بمراجعة مزكيين، فصاعدا وبأن يعلمه بما عندهما، فهو رسول محض، والاعتماد على قولهما فليحضرا ويشهدا. وكذا لو شهد على فرع من نصب حاكما في شهادتهما، لان الشاهد الفرع لا يقبل مع حضور الاصل الجرح والتعديل اعتبر فيه صفات القضاة، ومن شهر بالعدالة أو الفسق، اشترط فيه صفات الشهود، ويشترط مع ذلك العلم بالعدالة والفسق وأسبابهما، وأن يكون المعدل خبيرا بباطن حال من يعدله لصحبة أو جوار أو معاملة ونحوها، قال في الوسيط: ويلزم القاضي أن يعرف أن المزكي خبير بباطن الشاهد في كل تزكية إلا إذا علم من عادته أنه لا يزكي إلا بعد الخبرة، ثم ظاهر لفظ الشافعي رحمه الله اعتبا التقادم في المعرفة الباطنة، لانه لا يمكن الاختبار

الصفحة 154