كتاب روضة الطالبين- الكتب العلمية (اسم الجزء: 8)

ولو حلف لا يكلم، بنيه ولا ابن له، ثم ولد له بنون فكلمهم، لم يحنث، لانهم لم يكونوا موجودين وقت اليمين. فرع حلف: لا يكلم الناس، ذكر ابن الصباغ وغيره، أنه يحنث إذا كلم واحدا، كما إذا قال: لا آكل الخبز يحنث بما أكل منه. ولو حلف: لا يكلم ناسا حمل على ثلاثة. فرع في كتب أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله أن المعرفة لا تدخل تحت النكرة لمغايرتهما، فإذ قال: لا يدخل داري أحد، أو لا يلبس ثوبي أحد، دخل في اليمين غير الحالف، ولم يدخل الحالف، لانه صار معرفا بإضافة الدار أو القميص إليه، قالوا: لو عر ف نفسه بإضافة الفعل بأن قال: لا ألبس هذا القميص أحدا، أو عرف غيره بالاضافة إليه فقال: لا يدخل دار فلان أحد، أو لا يلبس قميصه أحد، لم يدخل المضاف إليه، لانه صار معرفا. وكذا لو قال: لا يقطع هذه اليد أحد، وأشار إلى يده، لم يدخل هو، وقد يتوقف في هذه الصورة الاخيرة، والسابق إلى الفهم في غيرها ما ذكروه، ويجوز أن تخرج الصورة الاولى على الخلاف في أن المخاطب هل يندرج تحت الخطاب. قلت: الوجه الجزم بكل ما ذكروه. والله أعلم. وفي كتبهم أن كلمة أو إذا دخلت بين نفيين، اقتضت انتفاءهما كما قال الله تعالى: * (فلا تطع منهم آثما أو كفورا) *، وإذا دخلت بين إثباتين، اقتضت ثبوت أحدهما، فإذا قال: لا أدخل هذه الدار أو هذه، فأيتهما دخلها، حنث، وإن قال: لادخلن هذه الدار اليوم أو هذه، بر بدخول إحداهما. ويشبه أن يقال: إذا دخلت بين نفيين، كفى للبر أن لا يدخل واحدة منهما، ولا يضر دخول الاخرى، كما أنها إذا دخلت بين إثباتين، كفى للبر أن يدخل إحداهما، ولا يضر أن لا يدخل الاخرى. ولو قال: لا أدخل هذه الدار أبدا، ولادخلن الدار الاخرى اليوم، فإن دخل الاخرى اليوم، بر، وإن لم يدخلها اليوم، ولم يدخل الاخرى، بر أيضا. وفي الاقناع

الصفحة 72