كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 8)

وشيء آخر لعلّه من أسباب ضعف الطلاب في الدروس كلها وفي العربية على التخصيص، أخشى إن قلتُ الحقّ فيه أن أُغضِب ناساً ما لي إلى إغضابهم رغبة، هو أن الاهتمام بالشيء بمقدار الحاجة إليه، وتُعرَف الحاجة إليه بمقدار الخسارة في فقده. ونحن نحتاج إلى مَن يعلّم أولادنا ومن يداوي مرضانا ومن يضمن إقامة العدل فينا ويؤدّب الجانحين والمجرمين منا. ونحتاج قبل ذلك إلى مَن يدلّنا على طريق النجاة في آخرتنا والوصول إلى رضا ربنا، فهل إدخال الكرة في شبكة في الملعب أهمّ من هذا كله؟
هذا هو السؤال، فلا تغضبوا إن أنا سألتكم فما أريد إلاّ أن أتعلّم: لماذا نهتمّ بهذا اللاعب أكثرَ من اهتمامنا بالطبيب وبالمدرس وبالأستاذ وبالواعظ؟ وكيف نرغّب الطلاب في القواعد والإملاء وهم يرون هؤلاء ينالون من التكريم أكثر مما يناله الخليل والمبرّد وأئمة اللغة أجمعين، لو بعثهم الله القادر على كل شيء من قبورهم فمشوا بيننا وعاشوا معنا؟ وأنا لا أقول لكم اتركوا العناية بالرياضة، فإنها من القوة التي أمر الإسلام بإعدادها، والقوةُ زينة الرجال: قوة العلم وقوة الجسم وقوة الإيمان، ولكن الذي أقوله لكم أن لا تدفعوا ثلاثمئة ريال مثلاً في بضاعة مهما غلت لا تساوي إلاّ خمسة عشر ريالاً.
* * *
أعود إلى كتب المطالعة وما تضعونه فيها، فهل تريدون الحقيقة الصادقة والنصح المخلص أم أنكم لا تحبون الناصحين (وأعيذكم بالله من ذلك)؟ جنّبوا كتب المطالعة هذا الأدب الذي

الصفحة 375