كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 8)

قديماً باب السلامة. وهو أحد أبواب دمشق السبعة، وقد بقيَت ستة منها على حالها كما بقي أكثر السور سليماً. ولدمشق سوران وبينهما حي لا يزال يُسمّى إلى الآن «حيّ بين السّورين» (وإن كانت العامة تبدل السين صاداً). فإذا مشيت من باب السلام مشرّقاً بلغت باب توما ثم الباب الشرقي، وهو آخر الطريق المستقيم الذي ذُكر -كما أظنّ- في التوراة، فيكون بذلك أشهرَ شارع في التاريخ. وقد ورد في الأثر أن المسيح ينزل في آخر الزمان عند «المنارة البيضاء» شرقيّ دمشق، والله أعلم بصحّة الذي رُوي (¬1).
وأول هذه الطريق بابُ الجابِيَة الذي دخل منه أبو عبيدة دمشق صلحاً، كما دخلها خالد من الباب الشرقي فتحاً فالتقيا وسط معبد دمشق، الذي كان معبداً وثنياً ثم صار كنيسة نصرانية، ثم غدا مسجداً من أقدم مساجد الإسلام وأجملها، فقسموه بين المسلمين والنصارى، فكان ما حازه خالد عنوة مسجداً وما كان في حيّز أبي عبيدة بقي بالصلح كنيسة، فلما كان عهد الوليد ارتفع الصوت بالشكوى: المسلمون يشكون من قرع النواقيس وقت الصلاة والنصارى يشكون من ارتفاع الأذان، فبنى الوليد للنصارى الكنيسة الكبرى، بُنيت لهم بأموال المسلمين وبأيديهم ونقلهم برضاهم إليها، وأخذ منهم الكنيسة فضمّها إلى المسجد.
¬__________
(¬1) لا أعلم سبب هذا التعليق هنا؛ فحديث الدجّال الذي فيه خبر نزول عيسى بن مريم عليه السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، هذا الحديث في صحيح مسلم وسنن الترمذي وأبي داود وابن ماجه، وفي شرح النووي لصحيح مسلم أنه من الأحاديث الصحيحة في هذا الباب (مجاهد).

الصفحة 385