كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 2 (اسم الجزء: 9)

جاء في المجموع: قال البغوي: لو توضأ ونوى إن كان محدثا فهو عن فرض طهارته، وإلا فهو تجديد, صح وضوءه عن الفرض, حتى لو زال شكه وتيقن الحدث لا يجب إعادة الوضوء (¬١).
وقالوا: يغتفر التعليق هنا, كالمسافر إذا نوى خلف من شك في نية القصر, فقال , إن قصر قصرت. اهـ
قلت: ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فهذا غاية ما يمكن أن يفعله، وهو أن يقول: إن كنت محدثاً فهذا الوضوء عنه، فإن كان على طهارة لم يضره هذا الوضوء، وإن كان محدثاً فقد نواه معلقاً، والتعليق يغتفر، وقد رجح المحققون من العلماء صحة التعليق في مسألة مشابهة، كما لو قال رجل: إن كان غداً من رمضان فأنا صائم، فتصح نيته على الصحيح (¬٢)؛ لأن هذا غاية ما يمكن أن يفعله، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
وقال بعضهم: يرتفع حدثه، إلا إن انكشف الحال وتبين أنه محدث فيلزمه استئناف الوضوء.
وإنما صح الوضوء للضرورة، لأن هذا غاية ما يسعه، وإذا زالت الضرورة، وانكشف الحال، وتبين أنه محدث فقد زالت الضرورة، فيلزمه أن يعيد الوضوء؛ لأن النية لم تكن جازمة.
قال أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله: لا نقول بأنه لا يرتفع حدثه على تقدير تحقق الحدث, وإنما نقول: لا يرتفع على تقدير انكشاف الحال، ويكون
---------------
(¬١) المجموع (١/ ٣٧٤).
(¬٢) ذكر صاحب الإنصاف (٣/ ٢٩٥) أن هذا القول رواية عن أحمد، ورجحها ابن تيمية، قال في الإنصاف: وهو المختار.

الصفحة 120