المسألة الثانية:
أن ينوي رفع أحد الأحداث وينوي بقاء غيره
مثاله: لو كان عليه حدثان: حدث من بول وحدث من نوم، فنوى رفع أحدهما على ألا يرتفع الأخر، ففيه أربعة أقوال:
قيل: إن وضوءه باطل، وهو مذهب المالكية (¬١)، ووجه في مذهب الشافعية (¬٢)، والصحيح في مذهب الحنابلة (¬٣).
وجه كون الوضوء باطلاً: أن هذا المتوضئ جاء بنية متضادة، فتتنافى النية، وتكون كالعدم، فكونه يقول: هذا الوضوء أرفع به الحدث، ولا أستبيح به الصلاة، هذا نوع من التناقض والتضاد.
وقيل: يصح وضوءه؛ لأن الأحداث تتداخل، فإذا نوى واحداً منها ارتفع الجميع؛ ولأنه لما نوى رفع أحد الحدثين كان ذلك أقوى حكماً فبطل الشرط، وهو وجه في مذهب الشافعية (¬٤).
ولأن الحدث وصف واحد، وإن تعددت أسبابه، فإذا نوى رفعه من البول ارتفع كله.
وقيل: إن نوى رفع الحدث الأول ارتفع الجميع، وإن نوى غيره لم يصح وضوءه؛ لأن الذي أوجب الطهارة هو الأول، فإذا نواه ارتفع الجميع، وهو وجه في مذهب الشافعية (¬٥).
---------------
(¬١) مواهب الجليل (١/ ٢٣٤)، الخرشي (١/ ١٢٩)، منح الجليل (١/ ١٨٤، ١٨٥).
(¬٢) البيان في مذهب الشافعية (١/ ١٠٥ - ١٠٦)، الحاوي الكبير (١/ ٩٤)،
(¬٣) الإنصاف (١/ ١٤٩).
(¬٤) البيان في مذهب الشافعية (١/ ١٠٦).
(¬٥) البيان في مذهب الشافعي (١/ ١٠٦).