كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 2 (اسم الجزء: 9)

الدليل الثالث:
قال في مراقي الفلاح: ولا يتكلم بكلام الناس؛ لأنه يشغله عن الدعاء المأثور.
قلت: الدعاء المأثور في أثناء الوضوء لا أصل له، وقد بينت ذلك في مسألة مستقلة.

الدليل الرابع:
حكاية الإجماع على كراهة الكلام أثناء الوضوء.
قال النووي: قد نقل القاضي عياض في شرح صحيح مسلم أن العلماء كرهوا الكلام في الوضوء والغسل.
وهذا المنقول يجاب عنه بما عقب عليه النووي، فقال: وهذا الذي نقله من الكراهة محمول على ترك الأولى , وإلا فلم يثبت فيه نهي فلا يسمى مكروها إلا بمعنى ترك الأولى (¬١).
---------------
= ورواه أحمد (٥/ ٨١)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٨٥) من طريق حميد بن أبي حميد الطويل، عن الحسن، عن المهاجر، بلفظ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبول، أو قد بال، فسلمت عليه، فلم يرد علي حتى توضأ، ثم رد علي. اهـ
والشك هنا لا يقضي على يقين طريق قتادة، فالذي يظهر لي: أن الراجح في لفظ الحديث: ذكر السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ييول، وقد ذكره ثلاثة حفاظ من أصحاب قتادة: هم شعبة وهشام، ومعاذ بن معاذ، والله أعلم.
وقد يمكن الجمع بأن يقال: بال النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم توضأ عقب بوله، فكان تارة يذكر الراوي البول، وتارة يذكر الوضوء، وكلاهما قد فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم.
انظر لمراجعة طرق الحديث: أطراف المسند (٥/ ٣٩٣)، تحفة الأشراف (١١٥٨٠)، إتحاف المهرة (١٧٠٣٥).
(¬١) المجموع (١/ ٤٨٩).

الصفحة 434