كتاب موسوعة أحكام الطهارة (اسم الجزء: 10)

وفي طهارة التيمم كذلك ذكر حدثين الأصغر والأكبر، فالأصغر بقوله تعالى: {أو جاء أحد منكم من الغائط} والأكبر بقوله: {أو لا مستم النساء} أي جامعتم النساء، ولو حمل على اللمس باليد لكان معنى هذا أن الآية كررت ذكر حدثين أصغرين، وأهملت الحدث الأكبر في طهارة التيمم، وهذا مناف للبلاغة المعهودة من كتاب الله سبحانه وتعالى، فكان مقتضى التقسيم في طهارة الماء من ذكر الحدث الأكبر والأصغر أن يعاد التقسيم نفسه في طهارة التيمم، لا أن يكرر الحدث الأصغر ويهمل الحدث الأكبر.
وهذه القرينة كافية في حمل اللمس على الجماع في الآية الكريمة، وقد فسرها ابن عباس بالجماع، وهو ترجمان القرآن الكريم كما سيأتي الإسناد إليه قريباً إن شاء الله تعالى.
وقد ناظر أبو موسى ابن مسعود في التيمم من الجنابة بهذه الآية مما يدل على أن المراد من المس الحدث الأكبر،
(1085 - 314) فقد روى البخاري رحمه الله في صحيحه من طريق الأعمش، عن شقيق: قال:
كنت جالسا مع عبد الله وأبي موسى الأشعري، فقال له أبو موسى: لو أن رجلا أجنب فلم يجد الماء شهراً، أما كان يتيمم ويصلي؟! فكيف تصنعون بهذه الآية في سورة المائدة فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيباً، فقال عبد الله: لو رخص لهم في هذا لأوشكوا إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا الصعيد قلت: وإنما كرهتم هذا لذا قال نعم .. الحديث، والحديث رواه مسلم (¬1).
¬_________
(¬1) البخاري (247)، ومسلم (368).

الصفحة 813