كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 15 """"""
حدّثنا إبراهيم بن سعد أبي وقّاص عن أبيه عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : أتت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، فسألها عن شىء ، فأمرها أن ترجع إليه . فقالت : يا رسول الله أرأيت إن جئت ولم أجدك تعني الموت فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " إن لم تجدينى فأت أبا بكر " .
قال الشافعي رحمه الله : في هذا الحديث دليل على أّنّ الخليفة بعد رسول الله صلّى الله عليه وسّلم أبو بكر .
وقد تقدم في السيرة النبويّة عن عاصم ، عن قتادة ، قال : اتباع النبي صلى الله عليه وسلّّم بعيراّ من رجل إلى أجل ، فقال : يا رسول الله إن جئت فلم أجدك ؟ - يعني الموت - ، قال : فائت أبا بكر ، قال : فإن جئت فلم أجد أبا بكر يعني بعد الموت قال فأئت عمر قال إن جئت فلم أجد عمر ؟ قال : إن استطعت أن تموت إذا مات عمر ، فمت .
وساق أبو عمر بن عبد البرّ في أدلّته على استخلاف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم له أحاديث الصلاة ، وكونه استخلفه أن يصلّى بالناس في مرضه .
وقد قدمنا ذكر ذلك كلّه في خبر وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وممّا يؤيد ذلك ويعضّده ما قدّمناه من حديث عائشة رضى الله عنها ، وقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لها : " لقد هممت - أو أردت - أن أرسل إلى أبيك ، أو أخيك فأقضى أمري ، وأعهد عهدى ؛ فلا يطمع في الأمر طامع ، ولا يقول القائلون ، أو يتمنّى المتمنون " ثم قال : " كلا يأبى الله ويدفع المؤمنون " ، أو " يدفع الله ويأبى المؤمنون " .
وقال بعضهم في حديثه : " ويأبى الله إلا أبا بكر " .
وفي الحديث الآخر عن أبى مليكة ، قال : قال النبي صلّى الله عليه وسلّم في مرضه الذي مات فيه : " ادعوا إلى أبا بكر " ، فقالت عائشة : إن أبا بكر رجل يغلبه البكاء ؛ ولكن إن شئت دعونا لك ابن الخطاب ، فقال : " إنكنّ صواحب يوسف ، ادعوا أبا بكر وابنه ؛ فليكتب ؛ أن يطمع في أمر أبى بكر طامع ، أو يتمنى متمنّ " . ثم قال : " يأبى الله ذلك والمؤمنون ، يأبى الله ذلك والمؤمنون " .