كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 16 """"""
وفي هذا الحديث والذي قبله تصريح على أنه الخليفة بعده ، ودليل على أن الكتاب الّذي أراد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يكتبه ، وتركه لما كثر عنده التنازع ؛ إنما كان المراد به أن ينصّ على أبى بكر في الخلافة . والله تعالى أعلم .
وروى أبو عمر إلى عبد الله بن مسعود ، أنه قال : اجعلوا إمامكم خيركم ؛ فإن رسول الله عليه وسلّم جعل إمامنا خيرنا بعده . وروى الحسن البصرىّ ، عن قيس بن عباد ، قال : قال لي علىّ ابن أبي طالب رضى الله عنه : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرض ليالي وأياما ، ينادى بالصلاة فيقول : " مروا أبا بكر يصلّى بالناس " ؛ فلما قبض رسول الله عليه وسلّم ، نظرت ، فإذا الصّلاة علم الإسلام ، وقوام الدّين ، فرضينا لدنيانا ما رضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لديننا ، فبايعنا أبا بكر .
وكان أبو بكر رضى الله عنه يقول : أنا خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ؛ ولذلك كان يدعى : يا خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .
وروى عن ابن أبى مليكة ، قال : قال رجل لأبى بكر يا خليفة الله ، قال : لست خليفة الله ؛ ولكن أنا خليفة رسول الله عليه وسلم ، وأنا راض بذلك .
وروى أبو عمر بسنده ، عن عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه ، أنه قال : خير هذه الأمة بعد نبيّها أبو بكر وعمر رضى الله عنهما وكان علي رضي الله عنه يقول سبق رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، وصلّى أبو بكر ، وثلّث عمر ، ثم خبطتنا فتنة يغفر الله فيها عمّن يشاء . وقال : رحم الله أبا بكر كان أول من جمع بين اللوحين .
وقال أبو عمر بن عبد البر : وروينا من وجوه ، عن عبد الله ابن جعفر بن أبى طالب ، أنه قال : ولينا أبو بكر فخير خليفة ، أرحمه بنا ؛ وأحناه علينا .
وقال مسروق : حبّ أبى بكر وعمرو معرفة فضلهما من السنّة . وروى عن علىّ رضى الله أنه قال : لا يفضّلنى أحد على أبى بكر وعمر إلا جلدته جلد المفترى . والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب .