كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 198 """"""
وعن أبن شهاب أنه قال : كان فتح مصر ، بعضها بعهد وذمة ، وبعضها عنوة ، فجعلها عمر بن الخطاب جميعاً ذمة ، وحملهم على ذلك ، ومضى ذلك فيهم إلى اليوم .
ذكر اخبار الاسكندرية وبنائها وما اتفق في ذلك من الإعاجيب
. لما رأيت جماعة من المؤرخين اقتصروا في أخبار الإسكندرية عند ذكرهم لفتوحها على ماذكرت أو نحوه ، ومنهم من اختصر ذلك ، واقتصر على مجرد الفتحن ولم يتعرضوا إلى ماسواه من أخبارها ، آثرت أن أضم إلى ما شرحته من أخبار فتحها ذكر أخبار بنائها ، وسببه وما شاهدوه بأبنيتها من العجائب ، وكيف تحيل على وضعها حتى تمت ، ودفع ظلمة الضرر عن سكانها لما ادلهمت ، لأن مثل هذا الثغر العظيم الذي شاع في الآفاق ذكره واشتهر ، وحمد من التجأ إليه ممن نبت به الغربة وعاقبه السفر ، وحقق باختياره صدق الخبر وتيقن الخبر ، لا يقتصر فيه إلى هذه النبذة التي ذكرناها ، واللمعة التي أوردناها ؛ بل يتعين بسط القول فيه وأن يتكلم المؤلف إذا انتهى إليه بملء ما فيه . وربما أعترض على معترض لم يطالع مجموع ما ألفت ، ولا وقف على جملة ما صنفت ، فيقول : كيف اقتصر على فتوح مصر على مجرده وهي أصل بلاده ، وقاعدة عباده ، وبسط القول في الإسكندرية وهي على الحقيقة من مضاتها ، وولاية من جملة ولاياتها وقد تجول فيه خيل الاعتراض ، ويعدل عن الانشراح إلى الانقباض ، ويتوهم أن ذلك عن عجز أو قصر ، وإن بسط العذر فيقول : عن ملال وضجر . وليس الأمر - ولله الحمد - كذلك ؛ لأنا ذكرنا أخبار مصر في كتابنا هذا في اربعة موضع سلفت منه ، فذكرنا خصائصها وما فضلت به على غيرهافي الباب الثاني من القسم الخامس من الفن الأول ، وكل ذلك في السفر الأول من كتابنا في خصائص البلاد ، وذكرنا اخبار نيلها في الباب السابع من القسم الرابع من الفن الأول من الانهار ، وذكرنا أخبار ما بها من المباني القديمة والآثار العظيمة ، في الباب الثالث من القسم الخامس من الفن الأول . وذكرنا أخبار من ملكها من ملوك الأمم قبل الطوفان وبعده ، وما بنوه بها من المدن ، وما أقاموه من المنارات والأهرام

الصفحة 198