كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 202 """"""
قال : وكانت الإسكندرية تضيء بالليل من غير مصباح لشدة بياض الرخام والمرمرن وأسواقها وأزقتها وشوارعها مقنطرة بها لئلا يصيب أهلها المطر .
قال : وكان عليها سبعة اسوار من أحجار مختلفة الألوان ، بينها خنادق ، بين كل خندق وسور فصل .
قال : وبما علق فيها شقاق الحرير الأخضر لاختطاف بياض السور أبصار الناس لشدة بياضه ، فلما سكنه أهلها كانت آفات البحر تخطف أهل المدينة بالليل ، فيصبحون وقد فقد منهم العدد الكثير ، فأهم ذلك الإسكندر ، فاتخذ الطلمسات على أعمدة هنالك ، تدعى المسال ، وهي باقية إلى هذا العصر ، فامتنع الدواب من التعرض إلى أهلها بعد ذلك ، فأمنوا .
وأما المنارة فقد ذكرناها في الباب الثالث من القسم الخامس من الفن الأول من السفر الاول ، فلاحاجة إلى إعادة ذكرها ثانياً .
نعود إلى أخبار فتوح مصر إن شاء الله .
ذكر تحول عمرو بن العاص من الإسكندرية إلى الفسطاط واختطافه
قال ابن لهيعة : إن عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية ورأى بيوتها وبناءها ، قم أن يسكنها ، وقال : مساكن قد لقيناها . قكتب إلى عمر يستأذنه في ذلك ، فسأل عمر الرسول : هل يحول بيني وبين المسلمين ماء ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ؛ إذا جرى النيل .
فكتب عمر إلى عمرو : إني لاأحب أن ينزل المسلمون منزلاً يحول بيني وبينهم الماء في شتاء ولا صيف . فتحول عمرو من الإسكندرية إلى الفسطاط ؛ وإنما سميت الفسطاط لأن عمرو بن العاص لما توجه إلى الإسكندرية ، أمر بنزع فسطاطه ، فإذا فيه يمام قد فرخ .
فقال عمرو : لقد تحرم منا بمتحرم ، فأمر به فأقر في

الصفحة 202