كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 206 """"""
وكتب عمر إلى عمرو أن يسأل المقوقس عن مصر ، من أي شيء تأتي عمارتها وخرابها ؟ فسأله عمرو ، فقال : تأتي عمارتها وخرابها من وجوه خمسة ، أن يستخرج خراجها في أبان واحد ، عند فراغ أهلها من زرعهم ، ويرفع خراجها في إبان واحد عند فراغ أهلها من عصر كرومهم ، وتحفر في كل سنة خلجها ، وتسد ترعها وجسورها . ولا يقبل محل أهلها ، يريد البغي ، فإن فعل هذا فيها عمرت ، وإن فعل بخلاف هذا خربت ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب .
ذكر خبر المقطم
روى عن الليث بن سعد ، قال : سأل المقوقس عمرو بن العاص أن يبيعه سفح المقطم بسبعين الف دينار ، فعجب عمرو من ذلك . وقال أكتب في ذلك إلى أمير المؤمنين ، فكتب بذلك إلى عمر ، فكتب إليه ، أسأله لم أعطاك به ما أعطاك وهي لا تزرع ولا يستنبط بها ماء ولا ينتفع به ؛ فسأله ، فقال : إنا لنجد صفتها في الكتب ، أن فيها غراس الجنة . فكتب بذلك إلى عمر فكتب عمر إلى عمرو : إنا لا نعلم غراس الجنة إلا للمؤمنين ، فأقبر فيها من مات قبلك من المسلمين ، ولا تبعه بشيء ، فكان أول رجل دفن فيها رجل من المعافر يقال له : عامر .
قالوا : والمقطم ما بين القصير إلى مقطع الحجارة ، وما بعد ذلك فمن اليحموم . وقد اختلف في القصيرن فقال ابن لهيعة : ليس بقصير موسى النبي عليه السلام ؛ ولكنه موسى الساحر .
وقال كعب الأحبار : هو قصير عزيز مصر ، كان إذا جرى النيل يترفع فيه . ويقال : بل كان موقداً يوقد فيه لفرعون إذا هو ركب من منف إلى عين شمس ، وكان على المقطم موقد آخر ؛ فإذا رأوا النار علموا بركوبه ، فأعدوا له مايريد ، وكذلك إذا انصرف والله تعالى أعلم ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .

الصفحة 206