كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 209 """"""
عمر : إلى العاصي بن العاص : قد بلغني كتابك ، تعتل في الذي كنت كتبت إلى به من أمر البحر ، وأيم الله لتفعلن أو لأقلعنك بأذنك ولأبعثن من يفعل ذلك .
فعرف عمرو أنه الجد من عمر ، ففعل ، فبعث إليه عمر ألا تدع بمصر شيئاً من طعامها وبصلها وعدسها وخلها إلا بعثت إلينا منه .
ويقال : إنما دل عمرو بن العاص على الخليج رجل من قبط مصر ، أتاه فقال له : أرأيت إن دللتك على مكان تجري فيه السفن حتى تنتهي إلى المدينة ومكة ، أتضع عني الجزية . وعن أهل بيتي ؟ قال نعم ، وكتب إلى عمر ، فقال : افعل . والله سبحانه وتعالى أعلم .
ذكر الخبر عن فتح الفيوم
روى عن سعيد بن غفير وغيره ، قالوا : لما تم الفتح للمسلمين ، بعث عمرو بن العاص جرائد الخيل إلى القرى التي حولها ، فأقامت بالفيوم سنة لم يعلم المسلمون بمكانها ؛ حتى أتاهم رجل فذكرها لهم ، فبعث عمرو معه ربيعة بن حبيش بي عرفطة الصدفي ، فلما سلكوا في المجابة لم يروا شيئاً ، فهموا بالانصراف فقال : لا تعجلوا ، سيروا ، فلم يسيروا إلا قليلاً حتى طلع لهم سواد الفيوم ، فهجموا عليها ، فلم يكن عند أهلها قتال ، وألقوا بأيديهم . قال : ويقال : بل خرج مالك بن ناعمة الصدفي وهو صاحب الفرس الأشقرعلى فرسه ينفض المجابة ، ولا علم له بما خلفها من الفيوم ، فلما رأى سوادها رجع إلى عمرو ، فأخبره بذلك .
ويقال : بل بعث عمرو بن العاص قيس بن الحارث إلى الصعيد ، فسار حتى أتى القيس فنزل بها ، وبه سميت ، وفذكر ذلك لعمرو .
فقال ربيعة بن حبيش : كفيت ، فركب فرسه ، فأجاز عليه البحر ، وكانت انثى ، فأتاه بالخبر ، ويقال : إنه أجاز من ناحية الشرقية حتى انتهى إلى الفيوم . والله تعالى أعلم ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .

الصفحة 209