كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 210 """"""
ذكر فتح زويلة وطرابلس الغرب . وبرقة وحصن سبرت
.
كان فتح زويلة في سنة إحدى وعشرين ؛ وذلك أن عمرو بن العاص بعث عقبة بن نافع العقري إليهان فافتتحا صلحاً ، وما بين برقة وزويلة سلماً للمسلمين . وقيل : فتحها في سنة عشرين ، والله سبحانه وتعالى أعلم ، والحمدلله وحده .
ثم سار عمرو بن العاص من مصر في سنة اثنتين وعشرين إلى برقة ، فصالح أهلها على الجزية ، وأن يبيعوا من أبنائهم من أرادوا بيعه ، فلما فرغ من برقة سار إلى طرابلس الغرب ، فحاصرها شهراً ، فلم يظفر بها ، وكان قد نزل شرقيها ، فخرج رجل من بني مدلج يتصيد في سبعة نفر فسلكوا غرب المدينة ، فلما رجعوا اشتد عليهم الحر ، فأخذوا على جانب البحر ولم يكن السور متصلاً بالبحر ، وكانت سفن الروم في مرساها تقابل بيوتهم ، فرأى المدلجي وأصحابه مسلكاً في البحر إلى البلد ، فدخلوا منه ، وكبروا ، فلجأ الروم إلى سفنهم ؛ لأنهم ظنوا أن المسلمين قي دخلوا المدينة ، فنظر عمرو ومن معه ، فرأى السيوف في المدينة ، وسمعوا الصياح ، فأقبل الجيش حتى دخل المدينة ، فلم يفلت من الروم إلا بما خف حمله في مراكبهم .
وكان أهل حصن سبرت قد اطمأنوا ، فجهز إليهم جيشاً كثيفاً ، فصبحوها وقد فتح أهلها الباب ، وسرحوا مواشيهم فدخلها المسلمون مغالبة وغنموا ما في الحصن ، وعادو إلى عمر .
ثم سار عمرو إلى برقة وبها لواتة ، وهم من البربر ، فصالحه أهلها على ثلاثة عشر ألف دينار يؤدونها جزية ، وشرطوا أن يبيعوا من أرادوا بيعه من اولادهم في جزيتهم .
قال المؤرخ : وكان سبب مسير البربر إليها وإلى غيرها من بلاد الغرب ؛ أنهم كانوا بنواحي فلسطين ، فلما قتل ملكهم جالوت ، ساروا نحوا الغرب ، وتفرقوا ، فسارت زناتة ومغيلة ، وهما قبيلتان من البربر ، فسكنوا الجبال ، وسكنت لواتة برقة ،