كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 217 """"""
ظلة في مقدمة مسجد الكوفة على أساطين رخام من بناء الأكاسرة في الحيرة ، وجعلو على الصحن خندقاً لئلا يقتحمه أحد ببنيان ، وبنوا لسعد داراً بحياله ، وهي قصر الكوفة ، بناه روزبه من آجر بنيان الأكاسرة بالحيرة ، وجعل الأسواق على سنة المساجد ، من سبق إلى مقعد فهو له ، حتى يقوم منه إلى بيته ، ويفرغ من بيعه .
قال : وبلغ عمر أن سعداُ قال : وقد سمع أصوات الناس من السوق : سكتوا عنى التصويت ، وإن الناس يسمونه قصر السعد . فبعث محمد بن مسلمة إلى الكوفة ، وأمره أن يحرق باب القصر ، ثم يرجع ، ففعل وبلغ سعداً ذلك ، فقال : هذا رسول أرسل لهذا فاستدعاه ، فابى أن يدخل إليه ، فخرج إليه سعد ، وعرض عليه نفقة ، فأبى أن يأخذها ، وأبلغه كتاب عمر إليه وفيه : بلغني أنك اتخذت قصراً جعلته حصناً ، ويسمى قصر سعد ، وبينك وبين الناس باب ، فليس بقصرك ؛ ولكنه قصر الخيال ، أنزل منه مما يلي بيوت الأموال ، وأغلقه ، ولا تجعل على القصر باباً يمنع الناس من دخوله .
فحلف له سعد ما قال الذي قالوا ، ورجع محمد ، وأبلغ عمر قوله ، فصدقه .
وكانت ثغور الكوفة أربعة : حلوان وعليها القعقاع بن عمرو ، وما سبذان وعليها ضرار بن الخطاب ، قرقيسياء وعليها عمرو بن مالك ، أو عمرو بن عقبة بن نوفل ، والموصل وعليها عبد الله بن المعتمر .
وكان بها خلفاؤهم إذا غابوا عنها .
وولى سعد الكوفة بعدما اختطت ثلاث سنين ونصفاً ، سوى ماكان بالمدائن قبلها ، والله تعالى أعلم .
ذكر عزل خالد بن الوليد
وفي هذه السنة عزل خالد بن الوليد عما كان عليه من التقدم على الجيوش ، وسبب ذلك أنه أدرب هو وعياض بن غنم ، فأصابا أموالاً عظيمة ، وكانا توجهها من الجابية بعد رجوع عمر إلى المدينة .
وقيل : إن مسير خالد مع عياض كان لفتح الجزيرة ، فبلغ الناس ما أصاب خالد فانتجعه رجال وكان فيهم الأشعث بن قيس ، فأجازه بعشرة آلاف ، ودخل خالد الحمام ؛ قيل : حمام آمد ، فتدلك بغسل فيه خمر ، فكتب إليه عمر :

الصفحة 217