كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 219 """"""
ذكر بناء المسجد الحرام
وفي هذه السنة اعتمرعمر بن الخطاب رضي الله عنه وبنى المسجد الحرام ، ووسع فيه ، وأقام بمكة عشرين ليلة ، وهدم على أقوام أبوا أن يبيعوا ، ووضع أثمان دورهم في بيت المال حتى اخذوا ، وكانت عمرته في شهر رجب ، واستخلف على المدينة زيد بن ثابت ، واستأذنه فإذن لهم وشرط عليهم ، أن ابن السبيل أحق بالظل والماء .
ذكر عزل المغيرة بن شعبة
وفي هذه السنة عزل عمر رضي الله عنه المغيرة بن شعبة عن البصرة ، واستعمل عليها أبا موسى الأشعري ، وكان سبب ذلك أنه كان بينه أو بين أبي بكرة منافرة ، وكانا متجاورين بينهما طريق ، وكانا في مشربتين ، في كل واحدة منهما كوة مقابلة للأخرى ، فاجتمع إلى أبي بكرة نفريتحدثون في مشربته ، فهبت الريح ، ففتحت باب الكوة ، فقام أبو بكرة ليرده ، فبصر بالمغيرة ، وقد فتحت الريح باب كوته ، وهو بين رجلي أمرأة ، فقال للنفر : قوموا وانظروا ، فنظروا ، وهم : أبو بكرة ونافع بن كلدة ، وزياد بن أبيه ، وهو أخو أبي بكرة لأمه ، وشبل بن معبد البجلي ، فقال لهم : اشهدوا . قالوا : ومن هذه ؟ قال : أم جميل بنت الأفقم ، وكانت من بني عامر بن صعصعة ، زكانت تغشى المغيرة والأمراء . وكان بعض النساء يفعلن ذلك ف زمانها ، فلما قامت عرفوها . فلما خرج المغيرة إلى الصلاة منها أبو بكرة .
وروى أبو الفرج الأصبهاني صاحب الأغاني في كتابه يسند رفعه إلى أنس بن مالك وغيره : أن المغيرة بن شعبة كان يخرج من دار الإمارة وسط النهار ، وكان أبو بكرة يلقاه فيقول : أين يذهب الأمير ؟ فيقول : آتي حاجة . فيقول له : حاجة ماذا إ ، الأمير يزار ولا يزور . قال : وكانت المرأة التي يأتيها جاره لأبي بكرة .
قال : فبينا أبو بكرة في غرفة له مع أخويه نافع ، وزياد ورجل آخر يقال له : شبل بن معبد ، وكانت غرفة جارته تحت غرفة أبي بكرة ، فضربت الريح باب المرأة ففتحته ، فنظر القوم ؛ فإذا هم بالمغيرة ينكحها ، فقال أبو بكرة : هذه بلية ابتليتم بها ، فانظروا ، فنظروا ؛ فإذا أبو بكرة نزل ، فجلس حتى خرج إليه المغيرة من بيت المرأة ، فقال له : إنه قد كان من أمرك ما قد علمت ، فاعتزلنا .

الصفحة 219