كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 221 """"""
سنة ثمان عشرة
: وفيها استقضى عمر شريح بن الحارث الكندي على الكوفة ، وكعب بن سور على البصرة ، وكعب هذا ممن اسلم على عهد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ولم يره ، وكان لولايته القضاء سبب نذكره .
سبب ولاية كعب بن سور قضاء البصرة
.
حكى عن الشعبي ، أنه كان جالساً عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فجاءت امرأة فقالت : ما رأيت رجلاً قط أفضل من زوجي ، إنه ليبيت ليلة قائماً ، ونهاره صائماً في اليوم الحار ما يفطر ، فاستغفر لهاعمر ، وأثنى عليهما ، وقال : مثلك اثني بالخير وقاله ، فاستحيت المرأة وقامت راجعة .
فقال كعب بن سور : يا أمير المؤمنين ، قال أعدت المرأة على زوجها إذ جاءتك تستعديك فقال : أكذلك أرادت ؟ قال : نعم ، قال : ردوا على المرآة ، فردت . فقال لها : لا بأس بالحق أن تقوليه ، إن هذا زعم أنك جئت تشتكين أنه يجتنب فراشك ، قالت أجل ، إني امرأة شابة ، وإني أبتغي ما تبتغي النساء ، فأرسل زوجها فجاء ، فقال لكعب : أقض بينها ، فقال : أمير المؤمنين أحق أن يقضي بينها ، فقال : عزمت عليك لتقضين بينها ؛ فإنك فهمت من أمرهما مالم أفهم قال : فإني أرى أن لها يوما من أربعة أيام ؛ وكان زوجها له أربع نسوة ، فإذا لم يكن له غيرها فإنى أقضى لها بثلاثة أيام ولياليهن يتعبد فيهن ، ولها يوم وليلة .
فقال عمر : والله جاء رأيك الأول أعجب إلى من الآخر ، أذهب فأنت قاض على أهل البصرة . فلم يزل قاضياً على البصرة إلى أن قتل يوم الجمل ؛ وذلك أنه لما اصطف الناس للقتال خرج وبيده المصحف فنشره ، وجال بين الصفين يناشد الناس في دمائهم ، فأتاه سهم غرب فقتله .
وقد قيل : إن المصحف كان في عنقه ، وعليه برنس وبيده عصا وهو آخذ بخطام الجمل ، فأتاه فقتله .

الصفحة 221